إرشادات في طرق تدريس ذوي الإعاقة البصرية

مايو 6, 2024

في ظل التفرد والتنوع الذي يتميز به الطلاب في البيئة التعليمية يكمن تحقيق الوصول الشامل في التعليم في تصميم طرق تدريس متنوعة وملائمة لجميع الطلاب، بما في ذلك ذوي الإعاقة البصرية. إن تطوير إرشادات فعّالة في طرق تدريس ذوي الإعاقة البصرية يُعد خطوة رئيسية نحو تحقيق التكامل والشمول في المنظومة التعليمية.

تهدف هذه الإرشادات إلى تقديم إطار شامل يساعد المعلمين على فهم كيفية دمج ذوي الإعاقة البصرية في بيئة التعلم. في هذه المقالة سنستعرض مجموعة من الإرشادات والأساليب التي يمكن اعتمادها لجعل بيئة التعليم أكثر ملائمة لهؤلاء الطلاب. من خلال تبني هذه الإرشادات، يمكن للمعلمين أن يلعبوا دورًا محوريًا في تشجيع التعلم الناجح وتحفيز التفوق لدى ذوي الإعاقة البصرية

إرشادات في بيئة قاعة التدريس

تؤثر البيئة المحيطة بالطالب –سواء أكان ذلك بداخل القاعة أم خارجها- تأثيرًا بالغًا في حُسن أداء الطالب.

سنستكشف سويًا بعض الإرشادات التي يمكن للمعلم إتباعها لتخصيص بيئة تعليمية تلبي احتياجات ذوي الإعاقة البصرية.

الحرص على إدراك الطالب لموقع القاعة الدراسية، ومدخلها .
يجب ترك الأبواب في وضع واحد دائمًا؛ كأن تكون مفتوحة أو مغلَقة، ولا ينبغي تركها نصف مفتوحة فقد يؤدي ذلك إلى اصطدام الطالب بحافة الباب.
الإضاءة الجيدة بداخل القاعة الدراسية أمر مهم في بعض الحالات؛ لهذا يُنصح بسؤال الطالب هل الإضاءة مناسبة أم لا؛ إذ يحتاج ضعاف البصر إلى درجة إضاءة مناسبة ليروا رؤيةً أوضح.
يجب التخلص من الضوضاء قدر المستطاع فهي تسبب تشويشًا كبيرًا في قدرة الطالب على التركيز.
يفضل تثبيت موقع الأدوات أو الأثاث بداخل القاعة عن مواقعها المعتادة، وإن حدث ذلك فيجب إعلام الطلبة ذوي الإعاقة البصرية بهذا التغيير.
يجب تنبيه الطالب ذي الاحتياجات الخاصة البصرية إن وُجدت حواجز أو عوائق في أثناء حركته بداخل القاعة الدراسية.
ضرورة معرفة الطالب لموقع مخرج القاعة الدراسية، إضافةً إلى مواقع الخروج في حالات الطوارئ، فذوو الإعاقة البصرية لا يمكنهم التجاوب مع حالات الطوارئ بالسرعة الكافية ما لم يكونوا على علم بطريقة الوصول إلى المخارج.

إرشادات أثناء تقديم المحتوى الدراسي

يؤثر أسلوب المعلم أو المحاضر في تقديم المحتوى الدراسي أو عرضه في قدرة الطلبة على استيعاب المحتوى العلمي والتفاعل مع زملائهم في القاعات الدراسية.

نستعرض هنا مجموعة من النقاط ينبغي الانتباه إليها في أثناء تقديم المحاضرة:

يفضل ترك مناقشة الطالب في إعاقته أمام غيره.
التحدث بصوت واضح، وبنبرة صوت طبيعية، فلا ترفع أو تخفض صوتك؛ واستخدم بصرًا موازيًا لما تستخدمه مع الأشخاص، فمثلًا الطالب الكفيف فاقد لحاسة البصر لكن يستطيع السمع جيدًا.
ينبغي سؤال الطالب هل هو بحاجة إلى نوع محدد من المساعدة في مرحلة دراسته.
يفضل أن تعرِّف نفسك للطالب، ولا سيما في لقائك الأول به، أو إن شعرت أن الطالب لم يتعرف إلى صوتك.
أعلِم الطالب بدخولك أو مغادرتك من المكان، وذلك بعبارات تدل على ذلك.
اقرأ كل ما تكتبه على السبورة أو ما تعرضه على الشاشة، واستمر في القراءة ما دمت مستمرًّا في الكتابة.
عند استخدام مصطلحات جديدة يفضل تهجئتها حرفيًّا؛ ليدرك الطالب الترتيب الصحيح للحروف في المصطلح.
يفضل اتباع طريقة منظمة في شرح الموضوعات في أثناء الدرس أو المحاضرة؛ ليتمكن الطالب من تدوين ملحوظاته دون حاجة إلى الرجوع إلى العبارات التي كتبها سابقًا، وهذا الأمر يمنح الطالب القدرة على الرجوع إلى الموضوع بسهولة في أثناء مراجعة ملحوظاته أو التسجيل الصوتي للمحاضرة.
عندما تود الإشارة إلى الطالب بالإجابة عن سؤال ما أو عندما يرفع الطالب يده للمشاركة، فأشر عليه باسمه، كأن تقول مثلا: «تفضل بالإجابة يا أحمد».
يوجه المعلم أو المحاضر الطلبة غيرَ ذوي الإعاقة البصرية إلى التعريف بأسمائهم عند المشاركة بداخل القاعة، ولا سيما في أول أسبوعين من بداية دراسة المقرر.
يحتاج الطالب من المكفوفين أو ضعاف البصر إلى شرح الصور والجداول المدرجة في العرض، ويعد وصف اتجاهات الأماكن على الخريطة ضروريًّا.
عند عرض فلم مرئي احرص على احتوائه على شرح صوتي للأحداث، وإن لم يكن كذلك، فينبغي أن يوضح المعلم أو المحاضر الأحداث المهمة في الفلم ويشرحها للطالب.

إرشادات عند القراءة في المحاضرة

ربما يطلب بعض المعلمين أو المحاضرين من الطلبة القراءةَ من ملازمَ ورقيةٍ في أثناء المحاضرة، وأما الطلبة ذوو الإعاقة البصرية فينبغي الحرص على تهيئة هذه الملازم تهيئةً مناسبة قبل أن يطلب منهم القراءة منها.

وهنا ينبغي اتباع الإرشادات التالية:

قبل مجيئك للمحاضرة احرص على تهيئة جميع الملازم المراد قراءتها في أثناء المحاضرة، أو أرسِلها إلى الجهة المعنية بتهيئة المادة العلمية قبل الدراسة بمدة كافية لا تقل عن أسبوع.
إن كان الطالب من فئة ضعاف البصر، فيفضل أن يكون الخط المستخدم في الملزمة بحجم لا يقل عن ٢٤ وبلون أسودَ على ورقٍ أبيضَ غيرِ ساطع.
إن كان الطالب من فئة المكفوفين كليًّا، فيمكنك تزويده بنسخة رقمية من الملزمة بصيغة ميكروسوفت ورد Microsoft Word، ثُم تسليمها إلى الطالب بحافظة إلكترونية Flash Memory وسيكون باستطاعة الطالب قراءتها باستخدام قارئات الشاشة الحاسوبية أو باستخدام مفكرة برايل الإلكترونية.

إرشادات عند كتابة وتدوين الملحوظات

نظرا لأهمية تدوين الطالب للملحوظات أثناء المحاضرة، فإنه من المهم معرفة التالي:

غالبًا ما يكون الطالب ذو الإعاقة البصرية أبطأ من زملائه في تدوين الملحوظات في المحاضرة؛ لاستخدامه تقنياتٍ مساعدة؛ لذا يجب أن يراعى الطالب في ذلك.
يجب أن يكون للمعلم أو المحاضر معرفةٌ كافية بالطريقة التي يستخدمها الطالب ذوو الإعاقة البصرية في تدوين ملحوظاته.
ينبغي للمحاضر السماح للطالب بتسجيل المحاضرة صوتيا؛ إن تعذر عليه تدوين الملحوظات.
قد يتطلب تدوين الملحوظات أحيانًا الاستعانة بشخص آخر للكتابة؛ لمواجهة الطالب لبعض المصاعب.
إذا كتب الكاتب المساعد (المدون) للطالب الكفيف أو ضعيف البصر فعليه كتابة الملحوظات بصيغة رقمية (على سبيل المثال باستخدام برنامج Microsoft Word) ليتمكن الطالب من الرجوع إليها باستخدام برنامج قارئ الشاشة، وينبغي للكاتب اتباع توجيهات الطالب عما ينبغي تدوينه، لا أن يدوِّن الملحوظات بناءً على طريقته الخاصة.

إرشادات عند تقديم حلقات نقاشية وعروض تقديمية

إذا قدَّم الطالب عرضًا عن موضوع ما أمام الطلبة الآخرين في القاعة الدراسية أو قدَّم حلقة نقاش، أو لفريق عمل، فاحرص على ما يلي:

أعطِ الطالب الفرصة لإدارة الحلقة النقاشية باستقلال.
الطالب لا يرى حركاتك وإيماءات جسدك أو تعبيرات وجهك؛ لهذا تحدث عما تريد التنبيه إليه.
زود الطالب بالملزمات المطلوبة بطريقة مهيأة، ويستحسن أن يكون قبل بدء المحاضرة؛ ليتسنى له مراجعتها.
استشر الطالب في الطريقة المناسبة له في تقديم العرض والحد الأعلى أو الأدنى للمدة الزمنية التي يمكنه تحملها.
في أثناء إدارة الطالب لحلقة النقاش ادع الطلبة الآخرين إلى الإجابة فُرادى وحاول منع حديث أكثر من شخص في الوقت ذاته.
لا تطلب من الآخرين مساعدة الطالب، ما دام قادرًا على أدائه بنفسه، أو ما لم يطلب ذلك.
نبه الطلبة الآخرين إلى ضرورة التعريف بأسمائهم أثناء المشاركة مع الطالب الكفيف أو ضعيف البصر؛ ليتمكن هو من التفاعل مع مشاركاتهم جيدًا.

إرشادات في المعامل والزيارات الميدانية

إذا كان الدرس أو المحاضرة في أحد المعامل أو المختبرات، أو في أثناء عمل ميداني؛ ينصح باتباع التالي:

يفضل إفادة الطالب بطبيعة التجارب العملية، ومواقع العمل الميداني قبل الشروع فيها.
يجب الاستفسار من الطالب عن حاجته إلى نوع معين من المساعدة قبل البدء في التجارب العملية، أو النزول لموقع العمل.
أعطِ الطالب فكرة عامة عن الأجهزة والأدوات التي في المعمل أو المختبر، كنوعها وطريقة استخدامها؛ وذلك لتقليل قلق الطالب الناتج عن وحشته في المكان الجديد.
تأكد من عدم وجود أي عوائق أو حواجز في بيئة المختبر أو حولها قد تعوق حركة الطالب.
إذا قمت بزيارة ميدانية أولَ مرة يفضل أن يكون للطالب مرافق دائم، لا سيما إذا كان الموقع كثيرَ العوائق.
يجب التيقن من قدرة الطالب على معرفة المكتوب على السبورة أو شاشة العرض، وتهيئة جميع الملازم المقررة عليه في أثناء العمل بداخل المختبر.
يجب التيقن من تهيئة المعدات والأدوات المستخدمة في أثناء العمل بداخل المختبر، فمثلًا لا يستطيع الطالب الكفيف أو ضعيف البصر استخدام الحاسوب دون احتوائه على برنامج قارئ الشاشة أو مكبر الشاشة.
يجب التيقن من قدرة الطالب على استخدام أدوات الإسعاف الأولي في حالة الطوارئ، وينبغي التيقن من قدرة الطالب على الوصول إلى أماكن غسل اليدين أو تعقيمهما بعد إجراء التجارب العملية.

إرشادات الواجبات والتكاليف الإضافية

إذا طُلب من الطالب أداء تكاليف أخرى بعد انتهاء الدرس أو المحاضرة، فيجب مراعاة الجوانب التالية:

لا يُعفى الطالب من التكاليف الدراسية ما دام قادرًا على أداءها.
يجب أن تكون المدة المخصصة لتسليم التكاليف كافية، ويجب مراعاة المدة التي قد يستغرقها الطالب لقراءة مادة ما أو تدوينها، فمثلًا معظم الطلبة المكفوفين أو ضعاف البصر بحاجة إلى وقت مضاعف لإنجاز ذات المادة المقررة على سائر الطلبة.
عدم توفر المراجع والمصادر الإلكترونية قد يصدّ الطالب عن الاعتماد على المكتبات العامة؛ فينبغي تمكين الطالب من مصادر إلكترونية أخرى، كمواقع الإنترنت العلمية والموثوقة.
ينبغي مراعاة الطالب الكفيف أو ضعيف البصر في طريقة تنسيق الإطار العام لمحتوى التكليف، فقد يكون من الصعب على الطالب إضافة الصور والأشكال، أو إضافة المزيد من الألوان والأحجام في الخط المستعمل.

في ختام هذه المقالة، ندرك مدى أهمية تطوير إرشادات في طرق التدريس لذوي الإعاقة البصرية. إن توفير بيئة تعليمية شاملة ومُحفزة تعتبر ركيزة أساسية لضمان فرص تعلم متساوية لجميع الطلاب.

عبر تطبيق الإرشادات والاستراتيجيات المناسبة، يمكن للمعلمين أن يلعبوا دورًا فعّالًا في تشجيع التفاعل وتعزيز التعلم لدى طلابهم الذين يعانون من إعاقة بصرية. تهدف هذه الإرشادات إلى أن تكون مرجعًا عمليًا يمكن المعلمين من خلق تجربة تعلم إيجابية ومحفّزة للطلاب ذوي الإعاقة البصرية.