إمكانية الوصول إلى الويب: مفهومه وأهميته

إمكانية الوصول إلى الويب وصورة لشبكة الانترنت والتطبيقات وحولها أشخاص من ذوي الإعاقة

مع تزايد اعتماد العالم على الإنترنت في جميع جوانب الحياة اليومية، أصبح الوصول إلى الويب ضرورة حتمية لتحقيق الشمولية الرقمية. يشير مفهوم إمكانية الوصول إلى الويب إلى تصميم وتطوير مواقع وتطبيقات إلكترونية يمكن استخدامها من قبل جميع الأفراد، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة. 

هذا الاهتمام بجعل المحتوى الرقمي متاحًا للجميع يعكس التزام المجتمع بتحقيق العدالة والتساوي في فرص الوصول إلى المعلومات والخدمات الإلكترونية.

 من خلال اتباع مبادئ التصميم الشامل، يمكننا ضمان أن يكون الإنترنت مساحة متاحة للجميع، مما يعزز من تجربة المستخدمين ويزيد من مشاركتهم الفعالة في المجتمع الرقمي.

قائمة المحتويات

تعتبر الأنظمة الرقمية والويب جزءاً رئيسياً من بنية المؤسسات الحديثة في جميع أنحاء العالم. منذ ظهور الشبكة العنكبوتية في النصف الثاني من القرن العشرين، أصبح الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياة الأفراد والمؤسسات. وبحسب إحصائيات جوجل، هناك نحو 4.48 مليار مستخدم للإنترنت من أصل 7.53 مليار إنسان على كوكب الأرض، مما يعادل حوالي 58٪ من السكان الذين يعتمدون على الإنترنت بشكل يومي.

 ومع ذلك، يعاني مليار شخص حول العالم من إعاقات تجعل من الصعب عليهم استخدام محتوى الإنترنت، مما يستدعي ضرورة تصميم مواقع الويب لتكون متاحة للجميع بدون عوائق.

مفهوم إمكانية الوصول إلى الويب

تُعرف إمكانية الوصول إلى الويب بأنها ممارسة تصميم مواقع الويب والتطبيقات الرقمية بحيث تكون قابلة للاستخدام من قبل الجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة. يتطلب هذا الأمر اتباع مبادئ تصميم معينة تضمن أن يتمكن الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في الوصول إلى المحتوى من استخدامه بنفس الكفاءة التي يتمتع بها غيرهم. تهدف سهولة الوصول إلى الويب إلى تحقيق وصول متساوٍ وعادل لجميع المستخدمين إلى المحتوى الرقمي.

أهمية إمكانية الوصول إلى الويب

في العقود الأخيرة، أصبحت شبكة الإنترنت لا غنى عنها في جميع جوانب الحياة، حيث أصبح استخدامها جزءًا أساسيًا من السلوك اليومي لجميع الأشخاص. تقف تطبيقات الإنترنت، التي تمثل الثورة الصناعية الرابعة، وراء تحول كبير في كيفية تبادل المعلومات. لهذا السبب، نجدد التأكيد على أهمية تصميم مواقع الويب التي يمكن الوصول إليها بسهولة لجميع الأشخاص، مع التركيز على النقاط التالية:

  • غالبًا ما يتجاهل المصممون والقائمون على إدارة مواقع الوِب تنوع المستخدمين ومدى ذوي الإعاقة على النفاذ إلى محتواهم.
  • لا يهتم بعض المصممين أو المبرمجين لمواقع الوِب إلا بالتكلفة المادية في أثناء اعتمادهم لنمط أو قالب محدد للموقع دون مراعاة أهمية قدرة جميع المستخدمين على النفاذ والوصول إلى الخدمة بالتساوي.
  • بالتركيز في مدى إمكانية الوصول إلى موقعك الإلكتروني، ستُظهر للزائرين والعملاء أنك تقدرهم وتهتم بإنسانيتهم، وفي المقابل يعزز هذا النوع من الاستثمار الولاء والتأييد لمؤسستك.

إن عدم استيفاء موقع المؤسسة الإلكتروني لمعايير إمكانية الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة قد يعرضها للمساءلة القانونية.

وأيًّا كان نوع المؤسسة التي تعتمد على أنظمة الوِب في تزويد مستخدميها بالمعلومات، كالمؤسسات التعليمية والصحية والمنشآت التجارية وغيرها، لا بد من ضمان قدرة جميع المستخدمين على الوصول إلى هذه المعلومات بسهولة ودون عوائق.
إذا ضربنا بالجامعات نموذجًا وجدنا أن الكثير من هذه المؤسسات تعتمد على مصادر ومراجع إلكترونية يمكن الوصول إليها بصفحات الوِب وتطبيقاتها، لكن الواقع أن ليس جميع الطلبة والمستفيدين من هذه الخدمات قادرين على الوصول إليها على حد سواء. ففي دراسة استطلعت المرافق والخدمات المتاحة للتعليم الجيد الشامل والمنصف للطلاب ذوي الإعاقة البصرية والجسدية من ست جامعات تمولها الحكومة الفدرالية في ست مناطق جيوسياسية في نيجريا، أظهرت النتائج أن جامعة واحدة فقط بها قسم خاص لهذه الفئة من المستخدمين وقد ذكروا غياب التقنية المساعدة التي تعينهم على النفاذ إلى المعلومات التي توفرها المكتبات في هذه المؤسسات.
وقد أُجريت هذه الدراسة في إحدى الدول الأفريقية، إلا أنها لا تختلف كثيرًا عن باقي المؤسسات التعليمية في الدول النامية الأخرى بالعالم.

التشريعات وحماية إمكانية الوصول

في عام 2022، أصدرت سلطنة عمان تعميمًا وزاريًا يتعلق بالسياسة الوطنية للنفاذ الرقمي، حيث تهدف هذه السياسة إلى جعل جميع المعلومات والخدمات الإلكترونية متاحة وسهلة الوصول للأفراد بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن. تشمل أهداف هذه السياسة ضمان نفاذ جميع فئات المجتمع، تعزيز مشاركتهم في التنمية، والالتزام بالمعايير الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين في الوصول إلى المواقع الحكومية والخدمات.

من جهة أخرى، تشير التجارب القضائية في عدد من البلدان إلى أهمية توفير إمكانية الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة إلى مواقع الوِب. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، قدم رجل كفيف دعوى قضائية ضد مطعم لا يمكن الوصول إليه من خلال موقعه الإلكتروني باستخدام برنامج قارئ الشاشة، وأيدت المحكمة أن ذلك يشكل انتهاكًا لقوانين الوصول المتساوي للجميع، مما يبرز أهمية تطبيق معايير الوصول الرقمي في القانون والممارسة السليمة للأعمال التجارية.

بهذا يتضح أن عدم تلبية معايير الوصول الرقمي يمكن أن يعرض الشركات والمؤسسات للمساءلة القانونية، وتحتمل تعويضات على خلفية انتهاك حقوق الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة.

تقنيات وأدوات الوصول إلى الويب

بعض الإعاقات تتطلب من الأفراد استخدام التقنيات المساعدة لتمكينهم من تصفح الوِب بشكل فعال. هذه التقنيات تشمل مثلاً:

  • قارئات الشاشة: تعمل على قراءة النصوص المعروضة على الشاشة بصوت مسموع، مما يساعد الأشخاص المكفوفين أو ضعاف البصر على استيعاب المحتوى. ومن الأمثلة على قارئات الشاشة:
    1. برنامج JAWS: من أشيع قارئات الشاشة في العالم، وهي متوافرة لنظام التشغيل  Windows.
    2. برنامج NVDA: قارئ شاشة مجاني ومفتوح المصدر متاح لنظام التشغيل Windows.
    3. برنامج Orca: هو قارئ شاشة مدمج بنظام التشغيل Mac.
    4. VoiceOver: قارئ شاشة مدمج بنظام التشغيل  iOSالمستخدم في هواتف شركة Apple.
  • برامج تغيير الألوان وحجم الخطوط: تسمح لضعاف البصر بضبط الألوان وحجم الخطوط لجعل النصوص أكثر وضوحًا وقراءةً.
  • برامج تتبع حركة الماوس بالعين: تسمح للأفراد الذين يعانون من صعوبات في استخدام الماوس التقليدي بالتحكم فيه باستخدام حركات العين.
  • أدوات تكبير الشاشة: تساعد على تكبير المحتوى على الشاشة، مما يسهل قراءته للأفراد ضعاف البصر.

  • تقنيات إدخال بديلة: تشمل أجهزة إدخال مخصصة مثل لوحات المفاتيح الكبرى لتسهيل الوصول للأفراد ذوي الإعاقات الحركية.ولوحة مفاتيح برايل سينس للمكفوفين.

الذكاء الاصطناعي التوليدي وأهميته

الذكاء الصناعي التوليدي هو من فروع الذكاء الصناعي الذي يركز في إنشاء محتوًى جديد، كالصور والنص والموسيقى والفِديو. وقد يكون لهذا النوع من الذكاء الصناعي آثار محمودة كبيرة في حياة ذوي الإعاقة، بتحسين استقلالهم وقدراتهم على التواصل والاندماج في المجتمع، وتكمن أهميته فيما يلي:

  • تحسين استقلالية ذوي الإعاقة 

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يساهم بشكل كبير في تحسين استقلالية ذوي الإعاقة من خلال توفير أدوات وخدمات جديدة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مساعدين شخصيين افتراضيين يساعدون في المهام اليومية مثل تحديد المواعيد والوصول إلى المعلومات.

  • تحسين قدرات التواصل 

يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين قدرات التواصل لذوي الإعاقة عن طريق توفير طرق جديدة للتعبير عن أنفسهم. يمكن استخدامه لإنشاء مترجمين فوريين آليين وتطوير أدوات مساعدة للتواصل الاجتماعي، مما يساعد على دمج ذوي الإعاقة في المجتمع بشكل أفضل.

  • تعزيز الاندماج في المجتمع 

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يعزز اندماج ذوي الإعاقة في المجتمع من خلال توفير فرص جديدة للتعلم والعمل والترفيه. يمكن استخدامه لإنشاء ألعاب وأنشطة تعليمية وبرامج مساعدة في العثور على وظائف وتحقيق الأهداف المهنية.

التحديات والحلول

على الرغم من الأهمية الكبيرة للوصول إلى الويب، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه المطورين والمصممين في تحقيق هذا الهدف. تتنوع هذه التحديات بين التكلفة، الوعي، والتطور التكنولوجي المستمر، مما يستدعي إيجاد حلول مبتكرة لضمان الشمولية الرقمية للجميع.

  • التكاليف والتنفيذ: يتجاهل العديد من المصممين والمبرمجين أهمية الوصول إلى الويب بسبب التكلفة المادية المرتفعة. والحل هو  إدراك المؤسسات أن الاستثمار في الوصول إلى الويب يعود بفوائد طويلة الأمد مثل توسيع قاعدة العملاء والامتثال القانوني. يمكن تقديم حوافز مالية أو دعم حكومي للمشاريع التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى الويب.

  • الوعي والتدريب: نقص الوعي بأهمية الوصول إلى الويب بين المطورين والمصممين. ويمكن حل ذلك بتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتعزيز فهم مبادئ الوصول إلى الويب وتطبيقها بشكل فعال. دمج مبادئ الوصول في مناهج التعليم والتدريب المهني للمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات.

  • التكنولوجيا والابتكار: التطور السريع في تكنولوجيا الويب يخلق صعوبات في مواكبة أحدث المعايير والتقنيات. لذلك يجب تبني نهج الابتكار المستمر والتعاون مع المجتمع التقني لمواكبة أحدث التطورات في معايير الوصول إلى الويب. استخدام الأدوات والموارد المفتوحة المصدر لتسهيل التحديثات والتكامل مع التقنيات الجديدة.
  • المحتوى الديناميكي والتفاعلي: المحتوى الديناميكي والتفاعلي قد يصعب الوصول إليه لبعض المستخدمين.الحل استخدام تقنيات وإرشادات تجعل المحتوى الديناميكي والتفاعلي متاحًا للجميع، مثل توفير نصوص بديلة وتوضيحات وتعليمات واضحة.

من المستفيد من إمكانية الوصول الشامل؟

إمكانية الوصول إلى الويب ليست مجرد تحسين لخدمة مجموعة محددة من الأشخاص، بل هي مفيدة لمجموعة واسعة من المستخدمين. فيما يلي أبرز الفئات المستفيدة من تحسين إمكانية الوصول إلى الويب:

  • المكفوفون وضعاف البصر: يستفيدون من النصوص البديلة للصور وتقنيات قراءة الشاشة.
  • الصم وضعاف السمع: يستفيدون من النصوص التوضيحية والترجمات لمقاطع الفيديو.
  • ذوو الإعاقة الحركية: يستفيدون من التصميمات التي تدعم التنقل عبر لوحة المفاتيح وتقنيات المساعدة الأخرى.
  • ذوو الإعاقة الإدراكية والعقلية: يستفيدون من التصميمات البسيطة والواضحة والتعليمات المفصلة.
  • كبار السن: غالبا ما يواجه كبار السن صعوبة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة بسبب ضعف البصر أو السمع أو القدرة الحركية. تحسين إمكانية الوصول يساعدهم على التفاعل بسهولة أكبر مع المواقع والخدمات الإلكترونية.

  • الإعاقات الجسدية المؤقتة: الأشخاص الذين يعانون من إصابات مؤقتة (مثل كسر في اليد) أو حالات مؤقتة (مثل إجهاد العين) يستفيدون من تصميمات الويب الشاملة.

في ختام هذه المقالة، يتضح أن الوصول إلى الويب ليس مجرد رفاهية بل ضرورة حتمية لتحقيق الشمولية الرقمية. إن مفهوم إمكانية الوصول يعتمد على تصميم وتطوير مواقع وتطبيقات إلكترونية تكون متاحة وقابلة للاستخدام من قبل جميع الأفراد، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة. هذا التوجه يعزز العدالة في الوصول إلى المعلومات والخدمات، مما يساهم في تمكين جميع فئات المجتمع من المشاركة الفعالة في الحياة الرقمية.

من خلال تعزيز الشمولية الرقمية والاهتمام بتوفير تجربة متكافئة للجميع، يمكننا تحقيق تقدم ملموس نحو مجتمع أكثر عدالة وابتكاراً، حيث يتمكن الجميع من الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي يوفرها الإنترنت دون استثناء.

نفاذ بلا عوائق
"إستراتيجيات بناء منظومة الوصول الشامل "
كتاب رائد يقدم نظرة شاملة في إستراتيجيات بناء منظومة الوصول الشامل وأساليبه، قاصدًا البيئة التعليمية والمعمارية والرقمية.
متوفر الآن
Picture of Amira Shokry

Amira Shokry

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شارك المقال

إقرأ أيضا