يعتبر التقويم الصفي جزء أساسي من منظومة التعليم، فهو من أهم الأدوات التي تسهم في فهم وقياس مستوى الطلبة وتقدمهم. وقد شهدت الأعوام الأخيرة تطورات عديدة ومتنوعة في مفهومه، فلم يعد يعتمد على الاختبارات ومقارنة وتصنيف أداء الطلبة، بل أصبح له أساليب وأدوات حديثة ومتنوعة تسعى إلى تقديم رؤية شاملة حول أداء الطلاب و مدى تحقيقهم لأهدافهم وقياس مقومات شخصيات الطلاب بشتّى جوانبها .
في هذه المقالة سنستكشف معًا مفهوم التقويم وأهميته في بيئة التعليم، وسنلقي الضوء على الأساليب والأدوات المستخدمة في عملية التقويم وكيف يمكن أن يكون أداة فعالة لتوجيه العملية التعليمية وتحسين جودة التعليم.
قائمة المحتويات
مفهوم التقويم الصفي
يعرف التقويم الصفي بأنه كل ما يقوم به المعلم من ممارسات هدفها تحسين نتاجات التعلم للطلاب في شتى الجوانب المعرفية والمهارية والنفسية والحركية وتنمية مهارات التفكير العليا وذلك لأهداف معينة.
التقويم الصفي والاختبارات جزء أساس من التعليم؛ إذ هي وسيلة لتقويم مستوى الطلبة وقدراتهم وتحقيقهم لأهداف التعليم المحددة. ويُستعمل التقويم الصفي لمعرفة هل حقق الطلبة الأهداف المحددة في المنهج الدراسي، وكذلك لقياس تحصيل الطلبة والمهارات التي يجب تحسينها.
أُجريت العديد من الدراسات عن التقويم الصفي والاختبارات، وتدلّ بعض هذه الدراسات على أنه يمكن استخدام الاختبارات استخدامًا محمودًا لتحفيز الطلبة على التعلم وتحسين مهاراتهم. ومن الجدير بالذكر أن الاختبارات تُصمم تصميمًا يمكن الطلاب من التعبير عن فهمهم وتحليلهم للمفاهيم المدروسة، وتحفيزهم على الاستمرار في تعلم المزيد.
ومن جهة أخرى تدلّ بعض الدراسات على أن التقييم الصفي التقليدي الذي يعتمد على الاختبارات فقط قد يكون غير عادل وغير دقيق في تقويم مستوى الطلبة؛ إذ قد يؤدي إلى التركيز على المعرفة المحفوظة بدلًا من المفاهيم الأساسية والمهارات العلمية. لذلك يجب تصميم التقويم الصفي والاختبارات بعناية لتوفير تقييم دقيق لمستوى الطلبة، وتعزيز تعلمهم بطريقة نافعة ومنصفة (Angelo, T. A., Cross, & K. P., 2010).
التقويم الصفي الواقعي
هو نوع من أنواع التقويم المعتمد على الأداء، والذي يقوم بقياس مستوى أداء الطلاب في مواقف حقيقية، حيث يُطلب منهم إنجاز نشاطات ومهمات واقعية يُمارسون فيها مهارات التفكير العليا، وتوظيف المعارف التي اكتسبوها لاتخاذ القرارات، أو لحل المشكلات الحياتية التي يعيشونها.
يوجد عدة مسميات أخرى للتقويم الواقعي في الأدب التربوي، مثل : التقويم الأصيل، التقويم الحقيقي، التقويم البديل، التقويم المعتمد على الأداء.
أهداف التقويم الصفي الواقعي
- تنمية مقومات طباع الطلبة، وذلك بتطوير مهاراتهم الحياتية وتنمية مهارات التفكير العليا فيهم.
- التركيز في نجاح التعلم، ومن ثَمَّ تعزيز قدرة الطالب على التقويم الذاتي.
- يساعد على تحديد مكامن القوة ومواطن الضعف في الطلبة، أي يسع المعلمين تكييفُ أساليب التدريس وتوجيه النشاطات اللاحقة لتحسين التعلم والتطوير، ويساعد على تحسين التدريس نفسه.
- يُشجّع المتعلمين على التفكير النقدي والإبداعي، وتنمية مهاراتهم في الحلول الإبداعية للمشكلات.
- يساعد على تنمية المعاني الأخلاقية والاجتماعية عند الطلبة، وتحفيزهم لتطوير مهارات التعاون والتفاعل الاجتماعي.
أساليب التقويم الصفي وأدواته
تختلف أدوات التقويم وأساليبه بحسب الغرض الذي أُعدَّت من أجله، وقد تختلف باختلاف أهداف الدرس وإستراتيجياته فتعطي معلومات صادقة عن تعلم الطلبة.
ولتعدد أدوار التقويم واستعمالاته في التدريس فإن ذلك يتطلب التنويع في أساليب التقويم الصفي، فيستطيع المعلم قياس جميع المستويات والأهداف التعليمية لجميع فئات الطلبة ومنهم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة فيُعَدّون مثل باقي الطلبة.
سنتطرق إلى بعض أساليب التقويم الصفي وأدواته الشائعة:
- الاختبارات الكتابية: وهي تقنية شائعة لقياس المعرفة والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم. وتشمل هذه الاختبارات أسئلةَ الاختيار من متعدد والإجابة القصيرة والإجابة الطويلة والأسئلة المفتوحة والأسئلة المقالية.
- الاختبارات العملية: وتستخدم هذه الأداة لقياس المهارات العملية والتطبيقية للطلاب، وتشمل أنشطة المختبرات والمشروعات العملية والعروض التقديمية والأداء الفني.
- النقاشات الجماعية: تستخدم لقياس المشاركة المؤثرة والمهارات الاجتماعية والتواصل والقدرة على التفاعل مع الأشخاص.
- الواجبات المنزلية: تستخدم لقياس القدرة على البحث والتحليل والتطبيق والتعلم الذاتي والتنظيم.
- الاختبارات الشبكية: وهي تقنية حديثة لقياس المعرفة والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم وتتضمن أسئلة متنوعة وشاملة.
- القوائم الاستنتاجية: وتُستعمل هذه الأداة لقياس الفهم العام والمعرفة الخاصة وتشمل عددًا من العبارات القصيرة التي يُعطى الطلبة معها أوامر لملء الفراغات المناسبة.
- المقياس المستمر: وهو نظام لجمع المعلومات من الطلبة باستمرار طوال الفصل الدراسي، وهذا يسمح بتحديد أي مشكلات تواجه الطلبة في مراحل معينة من التعلم والتدريب.
لا تختلف معايير تقويم أداء الطالب ذي الاحتياجات الخاصة والطلبة الذين يعانون حالاتٍ صحية فريدة عن غيرهم من الطلبة، ولا سيما في اتباع الإرشادات الواردة سابقًا.
ويشمل ذلك جميع الجوانب المتعلقة بتقويم أداء الطالب، ومنها:
- المشاركة الصفية: إن توافرت المادة العلمية بطريقة مهيأة للطالب وفقًا لنوع إعاقته، وبالطريقة المذكورة سابقًا، فإن الطالب لا يُعفى من المشاركة الصفية، وينبغي للمعلم أو المحاضر تشجيع الطالب على المشاركة الصفية، ومنحه الفرصة للتعبير عن أفكاره وآرائه، وإن وجد الطالب مشقةً في النطق أو الكتابة، فعلى المعلم أو المحاضر السعي إلى إيجاد طرق بديلة بقدر المستطاع.
- يقوَّم الطالب على التكاليف المقررة عليه وفقًا لعناصر التقييم المحددة، ويراعى في الجوانب المتعلقة بالمدة المحددة لتسليم عمله أن يُعطى وقتًا كافيًا بحسب نوع إعاقته، ويراعى الطلبة ذوو الإعاقة البصرية في جوانب التصميم أو الإطار الخارجي للتكليف.
- يُقوَّم الطالب في اختباراته كما يُقوَّم غيرُه من الطلبة؛ ما دام قد اتبع في تصميم الاختبار الطرق الصحيحة.
أنواع التقويم
1) التقويم القبلي: يتم في بداية التدريس قبل أي نوع آخر من التقويم حيث يتم جمع المعلومات والمهارات والقيم الضرورية التي يجب أن يمتلكها الطلاب وكشف جوانب القوة والضعف لديهم .
2) التقويم البنائي أو التكويني المستمر: وهو أكثر أنواع التقويم استخدامًا لدى المعلمين ويحدث طوال فترة التدريس؛ لقياس التقدم وتوجيه سير عملية التعليم، وتحسين نتائج الطلاب في الفصول، ومن أدواته الأسئلة الشفوية، والملاحظات، وأوراق العمل، والاختبارات القصيرة .
3) التقويم التشخيصي: يتم هذا النوع من التقويم قبل وأثناء وبعد عملية التدريس؛ من أجل تحديد نقاط القوة والضعف لدى الطلبة لتقديم المعارف المناسبة لمستواهم، وإعداد خطة علاجية تعليمية مناسبة لتهيئة الطلبة لاستقبال المعلومات الجديدة والاستفادة منها.
4) التقويم الختامي: يستخدم هذا النوع في نهاية عملية التدريس وفي الغالب يتضمن اختبار؛ لقياس مستوى تعلم الطلبة، ومدى تحقيقهم للأهداف المطلوبة، واكتسابهم للمهارات اللازمة في مرحلة تعليمية معينة. عادة ما يكون في نهاية الفصل الدراسي أو العام الدراسي أو وحدة أو مقرر دراسي .
التقويم للاختبارات
تعد الاختبارات الصفية أحد أدوات التقويم الأساسية؛ فهي فعالة في قياس القدرات المعرفية و المهارات ونواتج التعلم لدى الطلاب.
تُعرّف الاختبارات بأنها مجموعة من الأسئلة أو العبارات تستخدم من أجل قياس كفاءة الطالب في مجال معين، وتكون أهداف ومعايير التقييم محددة مسبقا لضمان دقة القياس وفهم مدى تحقيق الطلاب للأهداف المعرفية المحددة (Roegiers, 2004)
ويوجد ثلاث أنواع رئيسية للاختبارات :
- الاختبارات الشفوية
- الاختبارات التحريرية
- الاختبارات العملية
يُعد اختيار نوع الأسئلة والعبارات التي سوف يستخدمها المعلم في قياس أهداف تعليمية معينة من العناصر المهمة في عملية بناء الاختبارات، فالأسئلة والعبارات الاختبارية تختلف في ما تتيح للطلاب من حرية في الإجابة وعما اكتسبوه من معارف ومهارات (علام، 2019).
كيف تصمم اختبارًا ملائمًا للجميع؟
تصميم اختبار ملائم للجميع يتطلب شيئًا من الاهتمام والتخطيط لضمان أن يكون الاختبار منصفًا وعادلًا لجميع الطلبة بمختلف قدراتهم وحاجاتهم.
وفيما يلي بعض النصائح العامة التي يجب اتباعها عند تصميم اختبار ملائم للجميع:
- تحديد الأهداف التعليمية: يجب تحديد الأهداف التعليمية الرئيسة التي يجب على الطلبة تحقيقها في الاختبار وتضمن المحتوى المشمول في الاختبار للإسهام في تحقيق هذه الأهداف.
- تحديد الأساليب والأدوات المناسبة: يجب اختيار أساليب وأدوات للتقويم مناسبة للأهداف التعليمية وقدرات الطلبة وحاجاتهم، ويمكن استخدام اختبارات كتابية أو شفوية أو عملية أو مزيج منها.
- الحرص على وضوح الأسئلة: يجب كتابة الأسئلة بوضوح ودقة، وتجنب استخدام الألفاظ الغريبة أو المبهمة.
- الحرص على شمول المحتوى: يجب أن يشمل الاختبار أسئلة عن كل المحتوى المقرر للفصل الدراسي، والحرص على تنوع الأسئلة لتشمل جميع مستويات التفكير والمهارات اللازمة لتحقيق الأهداف التعليمية.
- إعطاء الطلبة وقتًا كافيًا: يجب توفير وقت كافٍ للطلاب لإكمال الاختبار بناءً على نوع الإعاقة أو الحالة الصحية الاستثنائية التي يعانيها الطالب.
إرشادات عند تصميم اختبار شامل للجميع
نستعرض هنا إرشادات لتصميم اختبار ببرنامج Microsoft Word وبرامج معالجة النصوص المشابهة التي يمكن تقديمها لجميع الطلبة بمختلف الحالات كالإعاقات بمختلف أنواعها أو الحالات المرضية مع مراعاة الجوانب المذكورة سابقًا، وضرورة توافر نسخة بصيغة مقروءة باستخدام قارئات الشاشة للمكفوفين، وهي على النحو التالي:
- أولًا: أسئلة الاختيار من متعدد: ويجب فيها وضع الخيارات رأسيًّا لا أفقيًّا.
- ثانيًا: أسئلة إكمال الفراغ، يفضل أن يكون الفراغ في نهاية السؤال، وألا يزيد مساحة التنقيط (……….) للفراغ عن 10 نقاط، مع عدم وضع أكثر من فراغ للسؤال الواحد.
- ثالثًا: أسئلة صح أو خطأ، يجب وضع القوس بعد السؤال مباشرة.
- رابعًا: تحديد الكلمات المطلوبة بقوسين عوضًا عن وضع خط أسفلها؛ ومن ثم يجب أن تكون الكلمات المطلوبة في نهاية السؤال.
- خامسًا: خلو الأسئلة من الصور والأشكال والخرائط والجداول.
- سادسًا: في أسئلة: اذكر أو عدِّد، يجب كتابة عَدَد الإجابات المطلوبة ولا ينبغي الاكتفاء بعدد الفراغات الموجودة في السؤال.
- سابعًا: تجنب أسئلة الربط قدر الإمكان، كالربط بين مجموعتين أو عمودين.
- ثامنًا: يجب تجنب استخدام الجداول للإجابة عن الأسئلة، ويجب إعادة تصميم السؤال.
في الختام يتضح لنا مدى أهمية التقويم في العملية التعليمية فأدواته وأساليبه تساعد على اتخاذ قرارات مؤثرة في طرق تعلم الطلبة. يساهم التقويم في قياس مستوى الطلاب وتقدمهم وتعزيز تطوير مهاراتهم. من خلال الاهتمام بأدوات التقويم وتصميم اختبارات متنوعة و شاملة يمكن للمعلمين تحديد نقاط الضعف والقوة لدى الطلاب واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تحفيزهم على تحقيق أهدافهم، وبالتالي يسهم ذلك في تعزيز جودة التعليم وبناء بيئة تعليمية شاملة تحفز التعلم الفعّال.
One Response