تعتبر الأرصفة والمعابر جزءًا أساسيًا من البنية التحتية لأي تجمع عمراني ، فهي تمثل الشرايين التي تربط بين مختلف أنحاء المنظومة وتسهم في تيسير حركة السكان والمركبات. ولكن على الرغم من أهميتها، يواجه العديد من الأشخاص تحديات في استخدام هذه المرافق بسبب عدم ملاءمتها لاحتياجاتهم، سواء كانوا من ذوي الإعاقة أو كبار السن أو غيرهم.
لذا، يأتي تصميم الأرصفة والمعابر بمعايير الوصول الشامل كحلاً لهذه التحديات، حيث يهدف إلى جعل البنية التحتية متاحة للجميع. في هذه المقالة، سنتناول بعض النصائح العملية التي يمكن اتباعها في تصميم هذا النوع من المرافق لتحقيق الوصول الشامل وضمان سلامة وراحة جميع الأفراد.
قائمة المحتويات
إذا قرر المستخدم ارتياد أي مبنًى فلا بد أن تواجهه مجموعة من المرافق، كالممرات ومناطق العبور واللافتات والإشارات التي توجهه إلى المكان المستهدف؛ ولهذا فإن سهولة الوصول إلى هذه المرافق يمثل الخطوة الأولى التي لا غنى عنها قبل استكمال رحلته إلى داخل المبنى.
وفي دراسة مثيرة للاهتمام عن تطبيق معايير التصميم الشامل في المباني العامة في منطقة (بوتراجايا) وفقًا للوائح الجديدة التي أقرتها الحكومة الماليزية، وجد الباحثون أن عدد المباني العامة التي أجرت تعديلات على النحو المعتمد وفقًا للمعايير قليل جدًّا (Chen et al,2007) إضافةً إلى ذلك، لم توضع بعض التعديلات صحيحةً وفقًا للوائح؛ لذلك فهي خطر على المستخدمين.
فعلى سبيل المثال، ثُبّتت أبواب دورات المياه التي من المفترض أن تفتح للخارج بالخطأ في الاتجاه المعاكس، وصُممت المزالج الجانبية بمستوى انحدار شديد، وهذا قد يكون خطرًا على المستخدمين خاصةً مستخدمي الكرسي المتحرك (Mahyuni, 2008) وهذه الدراسة توضح أهمية تصميم المباني العامة وفقًا لمعايير محددة تلائم جميع أنواع المستخدمين (Kadir, S. A. & Jamaludin, M. , 2012).
ولهذا نستعرض هنا مجموعة من الإرشادات المهمة التي يجب مراعاتها أثناء تصميم المرافق الأساسية المتوقع أن يواجهها المستخدم أثناء توجهه إلى المبنى .
تصميم الأرصفة
الأرصفة من العناصر المهمة في توجيه المستخدم نحو المسارات الصحيحة التي بها تتكون تفرعات متعددة، إلى جانب كونها مكانًا ملائمًا للمشي بعيدًا عن حركة السيارات؛ ولهذا نقدم هنا بعض النصائح المهمة في تصميم الأرصفة:
- أن تكون الأرصفة عريضة بما يكفي لجميع أنواع المستخدمين في كلا الاتجاهين، وتوفر مسارًا مستمرًّا يسهل الوصول إليه.
- أن يستوعب الرصيف مستخدمي الكراسي المتحركة، والذين لهم كلاب مساعدة أو يستخدمون عصيًّا بيضاء طويلة، وكذلك مستخدمي الدراجات الهوائية والآلية، والذين معهم أمتعة أو عربات أطفال.
- ينبغي اختيار تشطيبات لأرض الرصيف اختيارًا يناسب مختلف المستخدمين، وذلك لمساعدتهم على معرفة اتجاه المسار وحدوده، فغالبًا ما يصعب المشي على الأرض التي تُستخدم فيها الأنسجة الخشنة أو الأسطح غير الصلبة، مثل الحصى، ولا سيما عند استخدام المكفوفين للعصي البيضاء، إلى جانب تقييدها لحركة الكراسي المتحركة كثيرًا.
- يجب أن يسهل تمييز الفرق بين الأرصفة ومسارات المركبات، على سبيل المثال عند غياب رصيف لن يتمكن المكفوفون ولا ضعاف البصر وخاصة مستخدمي العصا البيضاء من تمييز مناطق المشاة الآمنة؛ لهذا تُشترط وسيلة لتحديد المناطق المختلفة.
- ينصح بوجود إشارات بارزة لجميع المستخدمين لتنبيههم في حال وجود تلف أو عملية إصلاح للأرصفة .
- في كثير من الأحيان توصل الكابلات وأنابيب التصريف بين الأرصفة أو تظهر بعض العوائق كأغصان الشجر التي تدخل مسار العبور في الرصيف؛ ولهذا ينبغي تصميم جميع هذه المتطلبات بعيدة عن حركة المشاة.
- قد تعرض أغطية الفحص وأغطية مصارف الماء المستخدم لمخاطر الانزلاق والتعثر، وقد تكون خطرة إن تُركت مفتوحة وغير محمية.
- توفير غطاء أو مناطق استراحة على طول المسار ؛ فقد يحتاج ذوو الإعاقة الحركية إلى الراحة والحماية من الجو إن طالت المسافات المقطوعة.
- أن تكون المسارات على الرصيف سهلة الفهم وجيدة الإضاءة بالليل، وهذا الأمر يجوز أيضًا على الذين يعانون بعضَ الاضطرابات النفسية؛ إذ قد تثير الأماكن المخفية على المسار مخاوفهم ولا سيما إن كانوا وحدهم.
- يشعر بعض المشاة وخاصة الذين يعانون ضعفًا في الحركة أو التوازن أو السمع أو البصر، بعدم الأمان في المناطق التي تستخدم فيها المركبات والدراجات الهوائية أو الآلية في نفس منطقة المشاة؛ لهذا ينبغي فصل المشاة عن مسار حركة المركبات.
تصميم معابر الطرق
غالبا ما تُصمم معابر الطرق لتكون آمَنة لسالكي الطريق، لكن لضمان قدرة جميع المستخدمين على ارتياد المعابر على نحو يضمن انتقالهم بين الضفتين بسهولة، فلا بد من مراعاة ما يلي:
- يجب أن تكون نقاط عبور الطريق في مواقع مناسبة ومنطقية ومتوقعة ويسهل معرفتها بالوسائل المرئية واللمسية.
- يحتاج مستخدمو الكراسي المتحركة إلى مسارات مسقطة من أجل إجراء انتقال آمن بين الرصيف وأرض الطريق، فإن لم توضع في مواقع مناسبة، فقد يكون الرصيف حاجزًا دائمًا.
- قد يؤثر وقوف السيارات بالقرب من نقاط عبور الطريق كثيرًا في قدرة المستخدمين على رؤية موقع منطقة العبور.
- يعَدّ عبور الطريق آمَن إن كان مسار العبور خاضعًا للرقابة، فالمكفوفون أو ضعاف البصر معرضون للخطر خصوصًا عند الانتقال في هذه المناطق الخطرة، ولا سيما إن لم يكن المعبر مزودًا بإشارات ضوئية وسمعية لتنبيه المستخدمين.
تصميم مواقف المركبات
تمثل مواقف المركبات نقطة الوقوف الأولى للمستخدمين قبل دخولهم إلى المبنى؛ ولهذا فإن تصميم المواقف تصميمًا يلائم جميع أنواع مرتادي المبنى يعد ضروريًّا لتحقيق الوصول الآمن للمستخدم، ونذكر هنا بعض الجوانب التي ينبغي مراعاتها في تصميم مواقف المركبات:
- قد لا يكون السائقين على دراية بموقع المبنى؛ لهذا فإن الطريق من مدخل الموقع إلى منطقة وقوف السيارات ينبغي أن يكون سهل المعرفة، ويمكن تتبعه من اللافتات الموجودة في جميع الاتجاهات.
- يجب توفير أماكن مناسبة لركن السيارة، بالقرب من المداخل قدر الإمكان، محمية من الجو ومضاءة بالليل.
- الحرص على أن الرصيف المجاور واسع بما يكفي لسد حاجة إنزال مستخدمي الكراسي المتحركة واستخدام المنحدرات الجانبية، ومستوٍ مع الطريق، وخالٍ من العوائق، مع أسطح صلبة مانعة للانزلاق.
- أن تكون آلات الدفع والتذاكر سهلة الوصول وواضحة وسهلة الاستخدام على جميع سائقي السيارات، وهذا يعني توفيرها في أماكن منطقية.
- أن تكون مساحة وقوف السيارات والمنطقة المحيطة بها ذات مساحة كافية، وأن يكون السائق والركاب قادرين على النزول بأمان وسهولة باستخدام الأبواب المرتبطة بهم، وغالبًا ما يحتاج الآباء ومقدمو الرعاية إلى وضع الأطفال في مقاعدهم؛ لذا فإن القدرة على فتح الباب بالكامل تعد ميزة أيضًا.
- الإضاءة الكافية ضرورية للحفاظ على السلامة في الليل. سيحتاج مستخدمو الكراسي المتحركة إلى إضاءة جيدة حيث سيحتاج الكثيرون إلى تجميع كرسيهم المتحرك وتفكيكه بجانب سيارتهم ليلًا.
- أن تكون التشطيبات السطحية مستوية وثابتة ومقاومة للانزلاق بدون عوائق.
في الختام، يظهر أن تصميم الأرصفة والمعابر بمعايير الوصول الشامل ليس مجرد مسألة فنية، بل هو تعبير عن قيمنا كمجتمع يسعى لتحقيق التضامن والمساواة والعدالة.
من خلال اتباع النصائح والإرشادات التوجيهية المقدمة، يمكننا بناء بيئة أكثر تكاملًا وتفاعلًا للجميع، بما في ذلك ذوي الإعاقة. إن تحسين التصميمات لتحقيق الوصول الشامل ليست فقط واجبًا إنسانيًا، بل هو استثمار في مستقبل مجتمعنا الذي يتسم بالتنوع والشمولية.