هو الشرارة التي تشعل فتيل الإبداع، والذي يحفز العقل على توليد الأفكار، الهدية التي لا يمكن التنبؤ بموعدها أو مصدرها ، القوة التي تفتح أبواب الخيال وتدفع بالعقل نحو آفاق جديدة.
قد يكون لدينا عادة ميل نحو الاعتقاد بأن الإلهام يأتي فقط من الأشياء الكبيرة والمذهلة، أو ينبع من الأحداث الخارقة أو ينزل من وحي إلهي، لكن في الواقع يمكن أن يأتي الإلهام من مصادر مختلفة وعادية .
قد يأتيك الإلهام في أوقات غير متوقعة ومن مصادر غير متوقعة أيضًا.في بعض الأحيان، يمكن أن تكون تجربة بسيطة في الحياة اليومية، أو محادثة مع شخص غريب، أو حتى مشاهدة منظر طبيعي هو ما يشعل شرارة الإبداع في عقلك.
إليك بعض الأمثلة على مصادر مختلفة للإلهام:
فمثلا قد يسقط الإلهام على رأسك حرفيا !! كما حدث مع نيوتن والتفاحة التي سقطت من الشجرة على رأسه وبدلا من أكلها ببساطة كانت مصدر إلهامه في تطوير نظرية الجاذبية.
وقد تكون الأمور أكثر هدوءا كالتأمل في الغروب والطبيعة وألوانها الزاهية، مثلما استلهم الفنان الفرنسي كلود مونيه الكثير من أعماله من حديقته.
التجارب الشخصية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل الإلهام. من خلال مواجهة التحديات أو الاستمتاع بلحظات الفرح، يمكن أن يتولد الإلهام. مثلاً، الكاتب الأمريكي إرنست همنغواي استلهم الكثير من رواياته من تجاربه الشخصية في الحرب والسفر.
يمكن لقراءة الكتب ومشاهدة الأعمال الفنية أن تفتح لك آفاقاً جديدة، كالكاتب والفيلسوف الفرنسي جان سارتر فقد كانت روايات دوستويفسكي، مثل “الجريمة والعقاب”، مصدر إلهام كبير لسارتر في تطوير أفكاره حول الحرية والمسؤولية الأخلاقية. تأثير هذه الأعمال ظهر بوضوح في رواياته مثل “الغثيان” و”الوجود والعدم”
كان سارتر معجبًا بالفن الحديث والتجريدي، وتأثر بأعمال الفنانين مثل بابلو بيكاسو وفاسيلي كاندينسكي. كانت رؤيته للفن كمجال للتعبير الحر عن الذات والوجود جزءًا من فلسفته الوجودية.
يعد التفاعل مع الآخرين مصدر جيد للإلهام.فمثلا، نجيب محفوظ كان معروفاً بجلوسه في المقاهي الشعبية، حيث كان يستمع إلى الناس ويتفاعل معهم ويستلهم شخصيات رواياته وأحداثها، ومن الأمثلة على ذلك رواية “زقاق المدق”.
فتجاربه في التفاعل مع الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية والثقافات جعلت من رواياته مرآة تعكس واقع المجتمع المصري بكل تفاصيله. قصص الأشخاص الذين قابلهم ومشاكلهم وأحلامهم تجسدت في رواياته، مما أضفى عليها واقعية وعمقاً كبيرين.
قد يشعر الكثير من الأشخاص بالملل أثناء السفر لساعات طويلة، لكن قد تكون هذه المدة مصدر إلهام لفكرة قد تغير مجرى حياتك، مثلما حدث مع جي. ك. رولينج مؤلفة سلسلة هاري بوتر الشهيرة والتي حصلت على الإلهام أثناء رحلة بالقطار استغرقت 4 ساعات.
أثناء رحلتها، لم يكن معها أي وسيلة لتدوين الأفكار، لذلك قضت رولينج وقت الرحلة وهي تستحضر التفاصيل في عقلها.
هناك العديد من المواقع التي يمكن أن تساعدك في الحصول على الإلهام لأفكار جديدة، سواء كنت كاتبًا أو فنانًا أو مصممًا أو تعمل في أي مجال إبداعي آخر. إليك بعضًا منها:
Brain Pickings: مدونة تستعرض الأفكار الإبداعية والأدبية والفلسفية، وتقدم ملخصات ووجهات نظر عن كتب وأعمال أدبية وفنية مهمة.
في الختام، يمكن القول إن الإلهام هو رفيق لا يمكن التنبؤ به ولكنه حاضر في كل لحظة من حياتنا، ينتظر فقط أن نفتح له الأبواب. يأتي الإلهام من مصادر متعددة ومتنوعة، بما في ذلك الأمور العادية التي قد نتجاهلها في حياتنا اليومية. تذكر أن الإلهام يمكن أن يظهر في أي مكان وفي أي وقت، المهم هو أن نبقى دائمًا منفتحين ومستعدين لاستقباله.
