مبادئ التصميم الشامل في التعليم

مبادئ التصميم الشامل في التعليم

في ظل التحولات الراهنة في ميدان التعليم، تبرز مبادئ التصميم الشامل كإطار أساسي لتحسين تجربة التعلم. ترتكز هذه المبادئ على توفير بيئة تعلم شمولية تستجيب لاحتياجات جميع الطلاب، سواء كانوا ذوي إعاقة أو لا. سنستكشف في هذه المقالة مبادئ التصميم الشامل و كيف يمكن أن تسهم في تحسين الوصول وتحفيز التعلم لكل فرد في المجتمع .

قائمة المحتويات

مبادئ التصميم الشامل في التعليم

يعَدّ التصميم الشامل للتعلم إطار عمل وضعته منظمة (CAST) التعليمية، وبه إرشادات يمكن العمل بها لصياغة مناهج التعليم. وله مفهومان أساسيان؛ طُرح أولها في السنوات الأولى من بناء هذا التصميم، وهي أن المنهج قد أُهمل لا الطالب، وقد مثلت تلك الرؤية طريقة جديدة للنظر في المشكلات التعليمية. أما النظرة الأخرى فهي استخدام التصميم الشامل لتقليل الحواجز في المناهج التعليمية، ويتم بتحديد العوائق التي تحول دون التعلم التي في المناهج والعادات التعليمية (Cook& Rao ,2018) . 

 وقد ذكر مهدي (2017) عددًا من الخيارات الواجب توافرها في بيئات التعلم، إذ عُرّف التصميم الشامل للتعلم بأنه فلسفة تقوم على توفير بيئة تعلم مرنة تحتوي على خيارات بصرية وسمعية ولمسية متنوعة؛ لمساعدة كافة المتعلمين سواء بهم إعاقة أم لا، على الوصول إلى مستويات إنجاز عالية (الذوادي و إبراهيم، 2022).

تركز مبادئ التصميم الشامل في ضرورة تهيئة بيئة تعليمية مرنة تلائم حاجات الطلبة ومتطلباتها، وتشمل توفير وسائل تعليمية متعددة تناسب أساليب التعلم المختلفة، فضلًا عن العمل بالوصول الشامل الذي يُعطيهم حق الوصول إلى التعليم، حتى ذوي الاحتياجات الخاصة أو الحالات الصحية المختلفة.

وسنستعرض هنا المبادئ الثلاثة للتصميم الشامل للتعلم:
 

توفير وسائل متعددة لتقديم المعلومات وعرضها 

توفير وسائل متعددة للتعبير والأداء

توفير وسائل متعددة للمشاركة والانخراط 

المبدأ الأول: توفير وسائل متعددة لتقديم المعلومات وعرضها

يستند هذا المبدأ إلى تفاوت قدرات المتعلمين في استيعاب المحتوى العلمي، فالطلبة ذوو الإعاقة البصرية يفضلون عرض المعلومات بطريقة سمعية، وأما ذوو الإعاقة السمعية فيفضلون عرضها على هيئة نص أو صورة، وهذا الأمر يجوز على المتعلمين الذين يجدون مصاعب في التعلم كعسر القراءة أو الكتابة، وأيضًا لا يختلف الأمر كثيرًا للذين ينحدرون من ثقافات أو لغات مختلفة؛ ولهذا فلا طريقة واحدة لتقديم المعلومات وعرض تُعَدّ الوسيلة المثلى لجميع الطلبة، بل ينبغي توفير خيارات متعددة لتقديم المادة العلمية وعرضها.

بعض الإرشادات لحقيق هذا المبدأ 

  • تحديد احتياجات الطلبة: ينبغي تحديد حاجات الطلبة ومعرفة أنجع الطرق في تقديم المعلومات لهم، وهذا يتطلب التواصل مع الطلبة ومعرفة ما يفضلونه. 
  • توفير خيارات متعددة: يجب توفير الخيارات لتقديم المعلومات، كاستخدام النص والصور والمرئيات والرسوم البيانية، وتوفير نصوص بصوت مسموع مترجمة للّغات الأجنبية.
  • استخدام التقنية: يمكن استعمال التقنية في العمل بهذا المبدأ، بالحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية لعرض المعلومات بصورة متعددة.
  • تدريب المعلمين: يجب تدريب المعلمين على كيفية العمل بهذا المبدأ واستعمال الوسائل المختلفة لتقديم المعلومات، ويمكن إعداد دورات تدريبية لهذا الغرض.
  • التقييم: يجب تقييم أثر استعمال الوسائل المختلفة في تقديم المعلومات، والحرص على أن جميع الطلبة يتلقون المعلومات بصورة فاعلة.
استعمال التقنية وتوفير وسائل عرض متعددة لتناسب احتياجات كل طالب
استعمال التقنية وتوفير وسائل عرض متعددة لتناسب احتياجات كل طالب

بعد أن قدمنا لك نظرة عامة عن هذا المبدأ وأبرز الإرشادات التي يمكن اتباعها لتحقيق هذا المبدأ، نقدم لك هنا طرق العمل بهذه الإرشادات بفعالية:

أولًا: توفير خيارات للفهم والإدراك
  • قدم المعلومات تقديمًا مرنًا يستطيع المستخدم تعديلها والتحكم فيها: مثل إمكانية تعديل حجم الخط ، التباين بين الخلفية والنص والصورة، واللون المستخدم للمعلومات أو لتأكيد معلومة، وعلو الصوت وسرعته، وسرعة المقطع المرئي ، والرسوم المتحركة، والصوت، وهلمّ جرًّا.
  • توفير خيارات لتعديل الصوت أو المحتوى السمعي إلى مادة مفهومة معقولة: فذوو الإعاقة السمعية أو الذين يجدون مشقةً في الذاكرة، يجدون مصاعب في المحتوى السمعي لذلك يجب توفير بدائل نصية للمادة الصوتية أو الفلمية، أو محتوًى بصري كالرسوم والجداول والرموز التوضيحية إضافةً إلى استخدام لغة الإشارة.
  • توفير بدائل للمحتوى البصري: فالمكفوفون وضعاف البصر لا يمكنهم فهم محتوى الصور والرسوم والمواد العملية والرموز غير النصية؛ ولذلك لابد من وجود بدائل للمحتوى البصري بتحويله إلى مادة نصية أو سمعية أو لمسية بطريقة برَايل أو بالمجسمات التي يمكن فهم محتواها باللمس، إلى جانب أهمية تطبيق تقنيات الواقع المعزز والذكاء الصناعي.
توافر خيارات وبدائل متعددة لتعزيز الفهم كالتحكم في الصوت وتوافر الترجمة والمجسمات
توافر خيارات وبدائل متعددة لتعزيز الفهم كالتحكم في الصوت وتوافر الترجمة والمجسمات
ثانيًا: توفير خيارات وبدائل للغة والمفردات والرموز الرياضية
  • تقديم المفردات والرموز بوضوح لجميع المستخدمين: وذلك بتقديم المصطلحات والمرادفات باستعمال قواميس مخصصة مثل لغة الإشارة، و الصور التوضيحية، والنص البديل، مع تجزئة المعادلات الرياضية والكيميائية إلى صور أيسر.
  • توفير وسائل لتعزيز الفهم بين اللغات المختلفة: مثل القواميس الإلكترونية المتعددة اللغات كالعربية والإنجليزية والفرنسية وغيرها السائدة والأكاديمية ومعانيها بلغة الإشارة المحلية، لتعزيز الفهم بين المتعلمين.
  • استخدام الوسائط المتعددة لتوضيح المعنى: ينبغي إرفاق توضيحات أخرى للنص كاستخدام الصور التوضيحية والرسوم المتحركة والجداول والأشكال المعبرة، والمقاطع الصوتية والقصص والمواد الفلمية. 
  • تبسيط اللغة والعبارة: يجب تيسير اللغة والتعبير في المواد التعليمية وتجنب المصطلحات المعقدة والجمل الطويلة. ويجب مواصلة تقديم المفردات والمفاهيم الجديدة تدريجيًّا وبتسلسل حتى يسهل على المتعلمين استيعابها.
  • تنظيم المحتوى التعليمي:  بترتيبه وتنسيقه، وتقسيمه على وحدات صغيرة ومتجانسة لتسهيل الفهم والاستيعاب، و استخدام الترقيم والعناوين والتسميات لتنظيم المحتوى وجعله أوضح وأسهل استخدامًا.
  • الحرص على توافر المواد التعليمية: ومن ذلك توفير المواد التعليمية باللغات المختلفة والترجمات إن لزم الأمر. و استخدام تقنيات التعليم الإلكتروني لتوفير المحتوى التعليمي وجعله متاحًا للمتعلمين في أي وقت ومن أي مكان.
المعلمة تستعمل الأنشطة استعمالًا جذابًا للفت الانتباه
المعلمة تستعمل الأنشطة استعمالًا جذابًا للفت الانتباه
ثالثًا: توفير خيارات متعددة للفهم الشامل
  • دعم المعرفة السابقة وتنشيطها:  ينبغي استخدام الصور التوضيحية واتباع طرق تنظيم متقدمة كاستخدام جداول التنظيم، وخرائط المفاهيم، وذلك بتوفير الشرح السابق للمفاهيم اللازمة وربط المفاهيم بالعناصر المتشابهة، ويساعد الربط بين المناهج الدراسية المختلفة على دعم هذه العلاقات.
  • القدرة على التركيز في النقاط والأفكار الرئيسة: ينبغي تمييز أهم العناصر بإشارات واضحة يستطيع جميع المتعلمين معرفتها، وتساعد الملخصات والخرائط الذهنية على التقليل من تشويش المتعلم، وهذا يشمل تنظيم الوحدات والفقرات بتسلسل منطقي يسهل فهمه على الجميع.
  • القدرة على استخدام المعرفة في سياقات متعددة: استخدام بعض الأدوات كقوائم المراجعة والمفكرات وأدوات تدوين الملحوظات  تعين على تذكر المعلومات وإعادة تطبيقها بأشكال وأوضاع مختلفة.
المعلمة تشرح أصول الكتابة الإبداعية في حصة العلوم في أثناء طلبها كتابة مقال ما
المعلمة تشرح أصول الكتابة الإبداعية في حصة العلوم في أثناء طلبها كتابة مقال ما

المبدأ الثاني: توفير وسائل متعددة للأداء والتعبير

القدرة على التعبير من أبرز عناصر المنظومة التعلمية، ولا وسيلة واحدة للعمل والتعبير تُعَدّ الطريقة المثلى لجميع المتعلمين، لذلك لا يستطيع جميع المتعلمين التعبير بأسلوب محدد. فمثلًا الطلبة ذوو الإعاقات الحركية الشديدة، كالشلل الدماغي، والذين يعانون مصاعبَ في التخطيط والقدرات التنظيمية كاضطرابات الوظائف التنفيذية، ومن بهم حواجز لغوية، وغير ذلك، يختلفون في طريقة معالجة متطلبات التعلم، فربما يستطيع البعض التعبير عن نفسه جيدًا بالكتابة دون أن يقدر على الكلام، والعكس صحيح.

ولذلك يركز المبدأ الثاني من مبادئ التعليم الشامل في توفير وسائل متعددة للأداء والتعبير؛ فيُشجَّع الطلبة على التعبير عن أنفسهم بأساليبَ مختلفةٍ وبطرق تُناسب قدراتِهم وميولَهم الفردية. من أجل تعزيز مهارات الطلبة في التواصل والتفاعل الاجتماعي وتطوير قدراتهم الفردية.

بعض الإرشادات لحقيق هذا المبدأ 

  • توفير خيارات مختلفة للتعبير: مثل الكتابة، والرسم، والغناء، والعزف، والإلقاء، وغيرها، وذلك لتشجيع الطلبة على استخدام مهاراتهم وميولهم الفردية في التعبير.
  • تشجيع الطلبة على المشاركة: في الأعمال الفنية والثقافية والرياضية والاجتماعية، وذلك لتعزيز مهارات التواصل والتعاون بينهم.
  • استخدام التقنية: يمكن استعمال التقنية في العمل بهذا المبدأ، بالحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية لعرض المعلومات بصورة متعددة.
  • توفير فرص التقييم الشامل: من أجل تمكينهم من معرفة مكامن القوة ومواطن الضعف في أدائهم، وتحفيزهم على تطوير مهاراتهم وقدراتهم الفردية.
  • التعلم النشط: وذلك بتشجيع الطلبة على المشاركة في الأنشطة التعليمية التفاعلية، والمناقشات الجماعية، والأبحاث والتحليلات الذاتية، وغيرها، وذلك لتطوير قدراتهم على التعلم والتعبير.
تشجيع الطلبة على المشاركة في الأنشطة المختلفة يساعد على التواصل والتعاون بينهم
تشجيع الطلبة على المشاركة في الأنشطة المختلفة يساعد على التواصل والتعاون بينهم

بعد أن قدمنا لك نظرة عامة عن هذا المبدأ وأبرز الإرشادات التي يمكن اتباعها لتحقيق هذا المبدأ، نقدم لك هنا طرق العمل بهذه الإرشادات بفعالية:

أولًا: توفير خيارات متعددة للأداء الحركي
  • تقديم طرق متعددة للاستجابة والتنقل في المحتوى: يجب على المعلم الحرص على وجود وسائل متعددة للتنقل في المادة العلمية وأن تكون قابلة للتحكم والاستخدام،على سبيل المثال: بوضع علامة صح بالقلم الجاف والقلم الرصاص، إضافةً إلى توفير بدائل خاصة بالحاجة إلى استخدام الفأرة أو اليد، والصوت، والمفتاح الواحد، وغير ذلك.
  • تحسين الوصول إلى التقنيات المساعدة: ينبغي صياغة المواد التعليمية صياغةً لا تُعارض كيفية عمل هذه التقنيات. على سبيل المثال: ينبغي أن يكون المحتوى المعروض موافقًا لاختصارات لوحة المفاتيح؛ لأن المكفوفين لا يمكنهم استخدام الفأرة للتنقل بين عناصر المادة المعروضة.
ثانيًا: توفير خيارات متعددة للتعبير والتواصل
  • استخدام وسائل متعددة للتعبير: يمكن للمعلم اختبار مستويات التفكير العليا كالتركيب أو التقويم بأن يُعطي المتعلمين أشكالًا متعددة للتعبير، كالتعبير بكتابة النص، والكلام، والرسم، والتصوير، والتصميم، والأفلام، والموسيقى، والحركة. ويمكن استخدام وسائلِ المعالجة الحركية مثل: تركيب المكعبات، والنماذج الثلاثية الأبعاد، والأشكال الرياضية. ويمكن إتاحة وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإنترنت التفاعلية، مثل منتديات المناقشة، والدردشة، وغيرها.
  • استخدام أدوات متعددة للبناء والتكوين: فالمتعلمون يختلفون في قدراتهم ومهاراتهم في استعمال الأدوات والوسائل التعليمية المستخدمة، فينبغي توفير وسائل لمراجعة الهجاء، ومراجعة القواعد، ويفيد أيضًا برنامج توقع الكلمات في زيادة فاعلية المتعلم، وهذا يشمل توفير برنامج تحويل النص إلى كلمات مسموعة، والإملاء الصوتي.ومن الأمثلة أيضًا توفير آلات حاسبة متعددة الاستخدامات، للرسومات البيانية، ولوحات رسم هندسي، أو ورقة رسم بياني معدة سابقًا.
  • بناء الطلاقة عند المتعلم: ويتم ذلك بالدعم المتدرج للممارسات والأداء، ويشمل الطلاقة البصرية، والسمعية، والرياضية وما إلى ذلك، على سبيل المثال: توفير أمثلة متعددة للحلول الجديدة للمسائل الرياضية، بالإضافة إلى توفير مرشدين يستخدمون طرقًا مختلفة للتحفيز، والتوجيه، والإدلاء بآرائهم، وتوفير الدعم بتدرج لزيادة الاعتماد على النفس ورفع جدارتهم ومهاراتهم.
استخدام وسائل متعددة للتعبير
استخدام وسائل متعددة للتعبير
ثالثا: توفير خيارات متعددة للوظائف والمهام التنفيذية
  •  صياغة أهداف المتعلم: بتقديم التوجيه والدعم متدرجين في كيفية وضع الأهداف التي تكون واقعية ومثيرة للتحدي، ولا يتحقق ذلك إلا إذا قدر المتعلم على تحديد الجهد المتوقع، والمصادر والمصاعب التي قد تواجهه، وقد يساعد توفير نماذج أو أمثلة خاصة بوضع الأهداف ونتائجها على بنائها أفضل، مع أهمية نشر الأهداف والمواعيد الزمنية في مكان واضح.
  • تخطيط الإستراتيجيات ووضعها: التخطيط الإستراتيجي مرحلة مهمة تضمن قدرة المتعلم على تحقيق أهدافه وغاياته؛ ولهذا ينبغي أن يقدم المعلمون أو المرشدون التوجيهات المناسبة للمتعلم في كيفية صياغة خططه صياغةً ناجعة تضمن تحقيقها بالجهد والزمن المتوقعين، ويمكن مساعدة المتعلمين على اكتساب مهارة التخطيط بتقديم نماذج مشابهة للتخطيط، واستخدام أدوات تتبّع الإنجاز، ودعم المتعلمين وتشجعيهم بالحصول على المكافآت عند تحقيق أي تقدم محمود.
  • تسهيل إدارة المعلومات والمصادر: قد يعاني بعض المتعلمين مشكلاتٍ في الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة العاملة، كالمتعلمين من ذوي الإعاقات الفكرية أو مصاعب التعلم؛ ولهذا ينبغي للمعلمين تقديم حلول متنوعة للاحتفاظ بهذه المعلومات، باقتراح برامج تنظيم النصوص والصور ونماذج جمع البيانات وتنظيم المعلومات، ودعم الترتيب والتنظيم، وكذلك تقديم قوائم مراجعة وتوجيهات خاصة بتدوين الملحوظات.
  • القدرة على تقييم التقدم: لا يمكن للتعلم أن يتم على نحو مؤثر دون وجود تعقيب لقياس تحقيق الأهداف المتوقعة أو تقديره؛ ولهذا ينبغي للمعلم طرح الأسئلة على المتعلمين لتوجيه المراقبة الذاتية والتفكير، إلى جانب تقديم عروض توضح مستويات التقدم، كعرض صور أو رسوم بيانية أو جداول توضيحية توضح مستويات التقدم مع الزمن، ويفيد تقديم نماذج مختلفة لإستراتيجيات التقييم الذاتي، كتقمص الأدوار، والتعليق على الفديو، وآراء الأقران.
المعلمة تعرض مخططًا لمراجعة مادة العلوم كل أسبوع
المعلمة تعرض مخططًا لمراجعة مادة العلوم كل أسبوع

المبدأ الثالث: توفير وسائل متعددة للمشاركة والتفاعل

تؤثر بعض العوامل في الفروق الفردية في مشاركة الفرد ودافعه إلى التعلم كالجوانب العصبية والبيولوجية، والعوامل الثقافية، والاهتمامات الشخصية، وطباع المرء، والمرجعية العلمية؛ ولهذا غالبًا نلحظ أن دافع بعض الطلبة للتعلم تلقائي، في حين لا يميل غيرهم إلى ذلك، وقد يميل بعض المتعلمين إلى العمل وحدهم، في حين يفضل غيرهم العمل مع زملائهم في فريق عمل، ولا وسيلة واحدة للمشاركة والانخراط تُعَدّ الوسيلة المثلى لجميع المتعلمين؛ إذ من الضروري توفير عدة خيارات للمشاركة والانخراط.

ولهذا فإن تحقيق المبدأ الثالث من مبادئ التصميم الشامل للتعلم يتطلب توفير وسائل متعددة للمشاركة والتفاعل بين المتعلمين والمعلمين.

 

بعض الإرشادات لحقيق هذا المبدأ :

  •  توفير منصات وأدوات تفاعلية: يمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات المتاحة بالإنترنت لتشجيع المشاركة والتفاعل. ويمكن استخدام البرامج المتخصصة في إنشاء أنشطة تفاعلية ونشر المواد التعليمية.
  • تشجيع الحوار الجماعي: يمكن إجراء مناقشات جماعية عن الموضوعات المدرسة، وتوفير فرص للتعبير عن الآراء والأفكار المختلفة، ويمكن استخدام التقنيات الحديثة مثل الفيِديو المباشر والمحادثات الصوتية لإتاحة الفرص لجميع المتعلمين للمشاركة.
  • تنظيم الأنشطة الجماعية:  مثل المسابقات والألعاب والأنشطة الرياضية لتعزيز التفاعل والتعاون بين المتعلمين.
  • الاستفادة من الاختلافات الفردية: يجب تقدير الاختلافات الفردية واحترامها بين المتعلمين، وتوفير فرص للتعبير عن الثقافات المختلفة والأفكار والاهتمامات الشخصية، وتلك أيضًا مهارات حياتية أساسية يحتاجون إليها في مجالات حياتهم المختلفة.
  • التركيز في التعلم التعاوني: بتوفير مشروعات تعليمية يتم العمل جماعيًّا؛ فتوضع الأهداف والمسؤوليات الفردية والجماعية وتوزَّع المهام بين المتعلمين.
 

بعد أن قدمنا لك نظرة عامة عن هذا المبدأ وأبرز الإرشادات التي يمكن اتباعها لتحقيق هذا المبدأ، نقدم لك هنا طرق العمل بهذه الإرشادات بفعالية:

أولًا: تقديم خيارات لتوظيف الاهتمام
  •  تحسين الخيارات الفردية والاستقلال الذاتي في البيئة التعليمية:  ينبغي للمعلم تقديم اختيارات خاصة بكيفية بلوغ الهدف، بالأدوات والأساليب المتاحة، كذلك ينبغي مساعدة المتعلم على تحديد النوع الصحيح من الاختيار وزيادة استقلاليته لضمان المشاركة الناجعة، وعلى سبيل المثال، يمكن تعزيز حرية التصرف والاستقلالية عند المتعلم بزيادة التحدي والمكافأة، ويمكن السماح للمتعلمين بالمشاركة في تصميم أنشطة الصف والمهام الأكاديمية، وإشراكهم قدر الإمكان في تحديد أهدافهم الأكاديمية وأهدافهم السلوكية.
  • تعزيز الأهمية والقيمة والأصالة: فغالبًا لا يهتم المتعلمون بالمعلومات والأنشطة التي تفتقر إلى الأهمية أو القيمة ذاتها؛ ولهذا ينبغي للمعلمين التنويع في الأنشطة ومصادر المعلومات لتلائم الاختلافات الفردية وفي سياق حياة المتعلمين، وربطها ثقافيًّا وعرقيًّا واجتماعيًّا، ومناسبة للسن والقدرات المختلفة.
  • التقليل من المخاطر والمشتتات: ينبغي للمعلمين الحد من الرهبة والمشتتات المحتملة في بيئة التعلم، فإذا ركز الطلبة انتباههم في تجنب الخبرة السيئة لا يمكنهم التركيز في التعلم، فقد يتخوف متعلم اللغة الإنجليزية من ممارسة اللغة أمام زملائه، ويعاني بعضهم كثرةَ المشتتات التي تحول بينهم وبين التعلم، فينبغي للمعلمين صنع مناخ ملائم يتوافر فيه الترحيب والدعم للجميع، وتقديم مثيرات حسية متنوعة تقلل الرهبة والتشويش لتكون جزءًا من روتين التعليم.
توفير وسائل متعددة للمشاركة والتفاعل
توفير وسائل متعددة للمشاركة والتفاعل
ثانيًا: خيارات متعددة للحفاظ على الجهد والمثابرة
  •  إبراز الأهداف بوضوح: ينبغي تشجيع المتعلمين على صياغة أهدافهم بوضوح، وعرض الأهداف بعدة طرق، إضافةً إلى أهمية تقسيم الأهداف الطويلة المدى إلى أهداف قصيرة المدى، مع أهمية استخدام أدوات الجداول الزمنية اليدوية أو الرقمية، وعرض النتائج المرجوة من تحقيق الهدف بوضوح.
  • تعزيز التحدي بتنويع الأنشطة والمصادر: يجب على المعلمين تقديم بدائل خاصة بالأدوات ووسائل الدعم المسموح بها، إلى جانب التنويع في درجات الحرية الخاصة بالأداء المقبول للمتعلم، والتركيز في العمل ذاته، والجهد المطلوب والتطوير في الأداء لتحقيق المعايير المناسبة بديلًا للتقييم.
  • التشجيع على التعاون والمشاركة الجماعية: يُسهم العمل في مجموعات متغيرة من المتعلمين في بناء التنوع الجيد وتعدد الأدوار، وكذلك توفر فرصًا لتعلم كيفية العمل بجدارة مع الآخرين. ولهذا عند تكوين هذه المجموعات ينبغي تحديد الأهداف، والأدوار والمسؤوليات بوضوح بين أعضاء المجموعة، إضافةً إلى تقديم إرشادات لتوجيه المتعلمين في كيفية صياغة الأسئلة وطرحها على الأقران والمعلمين، إلى جانب ذلك، يسعى المعلمون لبناء مجتمعات مصغرة من المتعلمين الذين يتشاركون في نفس الاهتمامات والأهداف.
ثالثًا: توفير خيارات متعددة للتنظيم الذاتي
  •  تعزيز التوقعات والمعتقدات لتحسين الدافع وزيادته: لا بد أن يقدر المتعلمون على وضع أهداف يمكن إدراكها واقعيًّا، وهذا يتحقق إذا أدرك المرء الجوانب التي تثير دافعه، إلى جانب ذلك تكمن أهمية تعزيز المعتقدات الجيدة عن قدرته على تحقيق أهدافه، ومن الأمثلة على ذلك، تقديم التحفيز، والتذكير، والتوجيهات المستمرة، إلى جانب الحد من تكرار بعض الأخلاق كالاندفاع العدواني ردَّ فعل للإحباط.
  • تنمية مهارات التقييم الذاتي: إن قدرة المتعلم على تعلم مراقبة مشاعره وتفاعله بعناية وبدقة لا يكون إلا بتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية والإدراك بمستويات التقدم لديه؛ ولهذا تساعد نماذج متعددة لتقنيات التقييم الذاتي المختلفة على تمكن المرء من تحديد الأمثل واختياره من بينها، ومن الأمثلة على ذلك تقديم أجهزة أو أدوات مساعدة أو جداول لمساعدة الأشخاص على تعلم كيفية جمع معلومات سلوكهم وجدولتها وعرضها لمراقبة التغيرات التي تحدث في تلك السلوكيات.
التقييم الذاتي

وبعد أن انتهينا من استكشاف مبادئ التصميم الشامل، ندرك أن هذا النهج ليس مجرد إطار فلسفي، بل هو رؤية تحول التعليم نحو مستقبل أكثر إشراقًا وعدالة. يمكن القول إن هذه المبادئ تساعد على تغيير الثقافة التعليمية التقليدية التي تعتمد على نظام يناسب قدرات مجموعة من الطلبة وحاجاتهم فقط، إلى ثقافة تعليمية تضمن العدالة لجميع الطلبة، فتتحقق نتائج تعليمية أفضل وأنجح.

وفي نهاية هذا المقال، ندعو لتفعيل مبادئ التصميم الشامل في كل جوانب التعليم، من تكوين المناهج إلى بنية البيئات التعليمية. فمستقبل التعليم يكمن في الالتزام بتعزيز التفاهم والتكامل، لتحقيق مبدأ ” التعليم حق للجميع ” ، و التشجيع على الازدهار وبناء جيل قادر على التفكير الشامل والتحول الإيجابي في المجتمع.

للتعمق في أسرار وتطبيقات مبادئ التصميم الشامل في التعليم ننصحك بقراءة كتاب ” نفاذ بلا عوائق ” ، هذا الكتاب يقدم رحلة مفصلة ومثيرة للتفاعل مع أساسيات هذا النهج ، مع التركيز على كيفية تحويل الفلسفة إلى واقع تعليمي يتسم بالتنوع والشمول.

 إن قراءة هذا الكتاب ستمكنك من فهم عميق وتطبيق عملي لمفهوم التصميم الشامل في مجال التعليم.

Picture of Amira Shokry

Amira Shokry

3 Responses

  1. الاخ الكريم معاذ الرقادي
    أنت مبدع ومتميز ومثابر بشكل منقطع النظير.
    نفع الله بعلمك طلاب العلم والمعلمين والمعلمات ونظام التعليم، ليس في عمان وحسب، وإنما في جميع الدول العربية.
    نفاذ بلا عوائق نتاج رائع لجهد علمي كبير يمكن أن يستفيد منه الباحثون كذلك، ويبنون برامج التدخل العلاجية على الكثير من المبادئ المذكورة هنا.
    وفقك الله
    د. محمود المعولي

    1. الدكتور العزيز محمود المعولي… ممتن لك جدا على تعليقك حول الموضوع، وجهدنا ما هو إلا استكمال للجهود السابقة في هذا المجال، وكتاباتنا هي محاولة لتذكير المجتمع بأهمية هذه الموضوعات التي تلمس شريحة مهمة من أفراد المجتمع، وأرجو من الله العليم أن يوفقنا لما فيه خير للناس جميعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شارك المقال

إقرأ أيضا