التعلم عن بعد مفهومه وأهميته

التعلم عن بعد مفهومه وأهميته وصورة لطالب يجلس على طاولة درلسية وشاشة كبيرة أمامه يظهر فيها معلم يقوم بشرح درس ما

لقد شهد العالم في الأعوام الماضية العديد من التطورات التكنولوجية والرقمية ومن بين هذه التطورات التعلم عن بعد، بذلت المنظومة التعليمية الكثير من الجهود لمواكبة هذه التطورات لتلبية احتياجات الطلاب وتحسين جودة التعليم بشكل عام . 

تعكس هذه المقالة أهمية التعلم عن بُعد وكيف يلعب دورًا حيويًا في تحسين تجارب التعلم وتوفير فرص تعليمية للجميع، بغض النظر عن الحواجز الجغرافية أو الظروف الاجتماعية. سنستكشف تأثير التعلم عن بُعد على المنظومة التعليمية وكيف يساهم في تحقيق الوصول الشامل وتحسين جودة التعليم.

قائمة المحتويات

ما هو التعلم عن بعد ؟

التعلم عن بعد هو شكل من أشكال التعلم الإلكتروني، يقوم أساسًا على استخدام تقنية المعلومات لتبادل المعارف والخبرات،وهدف التعلم الإلكتروني تحقيق أهداف عديدة منها:

  • تعويض النقص في الكوادر البشرية والتدريبية في بعض القطاعات التعليمية بالصفوف الافتراضية.
  • المساعدة على نشر التقنية في المجتمع وتوسيع مفهوم التعليم المستمر.
  • إعداد جيل من المعلمين والطلاب قادر على التعامل مع التقنية ومهارات العصر والتطورات الهائلة التي يشهدها العالم.
  • توفير بيئة تفاعلية غنية ومتعددة المصادر تخدم التعليم بكافة محاوره.
  • دعم التفاعل بين الطالب والمعلمين والمساعدين بتبادل الخبرات التربوية والآراء والمناقشات والحوارات الهادفة بالاستعانة بقنوات الاتصال المختلفة مثل البريد الإلكتروني وغرف الصف الافتراضية.

ويمكن تقسيم التعلم الإلكتروني على ثلاثة أنواع رئيسية (عمار بن ابراهيم مزيو، 2022):

  • التعليم الإلكتروني وجهًا لوجه مع بعض المساعدات على الإنترنت: وهي مرحلة التعليم وجهًا لوجه مع بعض المساعدات المباشرة على الإنترنت؛ إذ تجري بعض المناقشات عبر هذه الشبكة ويُستخرج منها بعض المعلومات، ومثال ذلك : أن يُكلِّف المعلم المتعلمين بالبحث عن بيانات معينة على الإنترنت وتحليلها من أجل مناقشتها في قاعة الدرس، أو أن يشرح بداخل الفصل، على أن تُحلَّ التكليفات المنزلية وتُسلَّم بالإنترنت؛ إذ يتطلب وجود المتعلمين جميعًا في الوقت نفسه على الشبكة وأمام الحواسيب، وتتم النقاشات والمحادثات بين هؤلاء المتعلمين ذاتهم ومعلمهم ويتم النقاش بينهم بوسائل إلكترونية.
  • التعليم الإلكتروني بالتعامل بالإنترنت مع بعض الاجتماعات وجهًا لوجه: وهي مرحلة التعليم بالإنترنت مع بعض الاجتماعات وجهًا لوجه للمناقشة والتوجيه؛ إذ ينبغي للجميع التواجد في الوقت نفسه أمام الشبكة والحاسوب والمشاركة فعليًّا فيها، ومن يغِب يمكنه الرجوع إلى المادة العلمية أو المقرر في أي وقت.
  • التعليم الإلکتروني عن بعد بالإنترنت: مرحلة التعليم التي تعتمد كليًّا عن بعد فلا يلتقي المتعلمون في البرنامج قط، ويُستعاض عن اللقاء وجهًا لوجه بوسائل أخرى کالحوار على الشبكة (chat) ، ويختلف هذا النوع عن السابق بأنه يسع المعلم أن يشترط وجود جميع المتعلمين على الشبكة وأمام الأجهزة في الوقت نفسه أو غير ذلك تبعًا لسياسات المؤسسة التعليمية.

مفهوم التعلم عن بعد

“هو عملية نقل المعرفة إلى المتعلم في موقع إقامته أو عمله بدلاً من انتقال المتعلم إلى المؤسسة التعليمية، وهو مبني على أساس إيصال المعرفة والمهارات والمواد التعليمية إلى المتعلم عبر وسائط وأساليب تقنية مختلفة، حيث يكون المتعلم بعيدا أو منفصلا عن المعلم  أو القائم على العملية التعليمية، وتستخدم التكنولوجيا من أجل ملء الفجوة بين كل من الطرفين بما يحاكي الاتصال الذي يحدث وجها لوجه “. (اليونسكو)

يوجد العديد من التعريفات للتعلم عن بعد وجميعها تتفق على أنه يعتمد بشكل أساسي على :

  • وسائل اتصال متعددة (مطبوعة أو إلكترونية).
  • فصل المعلم والمتعلم عن بعضهما مكانيًا أو زمانيًا أو كلاهما معًا.

أهمية التعلم عن بعد

يتمتع التعلم عن بعدة مميزات تجعله خيارًا مفضلًا للكثيرين،على سبيل المثال:

  • المرونة الزمانية والمكانية: يستطيع الطلاب الوصول إلى الموارد التعليمية في أي وقت ومن أي مكان، مما يتيح لهم تنظيم جدولهم الزمني وتحديد مواعيد الدراسة وفقًا لظروفهم الشخصية.
  • الوصول إلى محتوى متنوع: يتيح للطلاب الوصول إلى محتوى تعليمي متنوع ومتقدم من مصادر عالمية مختلفة، مما يعزز فهمهم ويوسع آفاقهم التعليمية.
  • وسائط تعليمية متنوعة: يتيح استخدام العديد من الوسائل التعليمية المختلفة كالفيديوهات، والمحتوى التفاعلي، والمحاكاة، والتقييم الآلي.
  • تعزبز التفاعل والمشاركة: على الرغم من البُعد الجغرافي، يمكن للطلاب التفاعل مع المحتوى والمشاركة في مناقشات مع زملائهم والمدرسين عبر الوسائط الرقمية، مما يعزز التواصل وبناء مجتمع تعليمي عبر الإنترنت.
  • تعزيز المهارات الفنية: يتيح تعلم مهارة التعامل مع التكنولوجيا والإنترنت وبعض المهارات التي قد يحتاجها الطلاب عند التقدم إلى العمل، مثل: البحث عبر الإنترنت ومؤتمرات الفيديو وعروض الشرائح والمراسلةعبر البريد الإلكتروني و صناعة الفيديو وغيرها من المهارات.
  • فرص تعلم عادلة للجميع: يمكن للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة الاستفادة من ميزات التعلم عن بُعد وتلبية احتياجاتهم التعليمية بشكل أفضل.
  • التوفير في التكاليف: يقلل من تكاليف السفر والإقامة التي قد تكون مصاحبة للدراسة التقليدية، كما يتيح للطلاب استخدام تقنيات التعلم الإلكتروني بدلاً من الكتب الورقية، مما يؤدي إلى تقليل التكاليف المالية.

التحديات التي تواجه التعلم عن بعد

يعد التعلم عن بُعد من الطرق المبتكرة لتحقيق التعليم، ولكن هناك بعض العقبات التي  قد تؤثر على تجربة الطلاب. إليك بعض العقبات المحتملة:

  • التواصل الاجتماعي: يمكن أن يفتقر التعلم عن بُعد إلى التواصل المباشر مع المعلم والزملاء، مما قد يؤثر على مهارات التفاعل الاجتماعي لدى الطلاب.
  • الوصول للتكنولوجيا: يعتبر من التحديات الرئيسية التي تواجه التعلم عن بعد، فبعض الطلبة لا يملكون أجهزة لوحية أو حواسيب شخصية حديثة، كذلك قد يواجه الطلبة مشكلة في توفر اتصال بالانترنت مستقر و سريع  خاصة في المناطق التي تفتقر إلى بنية تحتية تكنولوجية قوية.

  • التركيز والانتباه: يواجه البعض صعوبة في الحفاظ على التركيز والانتباه أثناء التعلم عن بُعد، نظرًا للعديد من المشتتات الممكنة في البيئة المحيطة بهم.

  • التقييم: يمكن أن تكون هناك صعوبات في تقييم أداء الطلاب بشكل فعّال وعادل، خاصة مع استخدام وسائل التقييم عبر الإنترنت.

  • السرية والأمان: حيث أنه قد يتم اختراق وسيلة التواصل عبر الإنترنت مما يؤدي إلى ضياع المعلومات أو تغييرها.

  •  تأهيل الكوادر البشرية: يمكن أن يكون تأهيل المعلمين لاستخدام التقنيات التعليمية وتعلم كيفية تكاملها في العملية التعليمية من التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية. حيث يتطلب برامج تدريب مكثفة وورش عمل تقنية مكلفة، ويمكن أن تكون هناك تكاليف إضافية مرتبطة بتوفير الموارد التعليمية الرقمية والأدوات اللازمة.

كيف نتغلب على تحديات التعلم عن بعد ؟

إن تجاوز  التحديات التي تواجه التعلم عن بعد  يتطلب تكامل الجهود بين المؤسسات التعليمية والمدرسين والطلاب لتوفير حلول فعّالة ودعم شامل لجميع الأطراف.لذلك علينا أن : 

  •  يجب وجود منصة تعليمية توفر الموارد التعليمية المناسبة، ولا بد أن تكون هذه المنصة حسنة التصميم سهلة الاستخدام؛ حتى يسهل على الطلبة الوصول إلى المواد التعليمية.
  •  يجب توفير الدعم الفني اللازم للطلاب إن طرأت أي مشكلات أو مصاعب تقنية.
  • على المعلمين والمحاضرين العمل على تحقيق التفاعل اللازم مع الطلبة عن بعد، ويكون ذلك باستخدام وسائل التواصل المتاحة مثل البريد الإلكتروني والمنتديات والدردشة المباشرة، التي تسمح للطلاب بالتفاعل مع المعلمين والحديث معهم في الوقت المباشر.
  • يجب أن تجعل المنصة التعليمية ما يلزم من التوازن بين العمل الفردي والعمل الجماعي، ويكون ذلك بتقديم المشروعات الجماعية والفردية وتشجيع التفاعل بين الطلبة بالمنصة التعليمية.
  • قد يلجأ المعلم أو المحاضر أو المؤسسة التعليمية إلى اتباع نظام التعلم عن بعد كليًّا أو جزئيًّا، أيًّا كان ذلك لأسباب تتعلق بطبيعة المنهج الدراسي أو لأحوال استثنائية ناتجة عن انتشار الأوبئة أو حدوث الكوارث الطبيعية؛ لهذا ينبغي أن تكون المنصة التعليمية الإلكترونية للمؤسسة متوافقة ومبادئ إمكانية الوصول  إلى الوِب Web Content Accessibility Guidelines (WCAG)

إرشادات لضمان حصول الطالب على كفايته من التعليم عن بعد

التواصل والتفاعل

  • قبل بداية الدراسة ينبغي التثبت من الطالب في ملاءمة المنصة الإلكترونية المستخدمة في التدريس لبرنامج قارئ الشاشة أو برنامج التكبير الذي يستخدمه الطلبة المكفوفون وضعاف البصر، وهذا يجوز أيضًا على سائر حالات الإعاقة التي تتطلب استخدام تقنيات مساعدة خاصة.
  • يجد معظم الطلبة ذوي الإعاقة السمعية مشكلات في استخدام منصات التعليم الإلكترونية؛ إذ تُشكل صعوبة التواصل اللفظي في التواصل مع المعلم أو المحاضر؛ لهذا ينبغي التيقن من نوع المنصة المناسبة له، وهل يتطلب مترجم لغة إشارة.
  • يفضل التواصل مباشرة مع الطالب ببريده الإلكتروني أو باتصال هاتفي أو بتطبيقات التواصل السريع مثل وَتساب (WhatsApp) لسهولة التواصل مع الطالب.
  • قد يفضل بعض الطلبة المكفوفين أو ضعاف البصر المشاركة في المنصة الإلكترونية المستخدمة في التدريس بالإجابة الشفهية بدل الكتابة، ويفضل بعض ذوي الإعاقة السمعية والحركية المشاركة بالكتابة؛ لهذا ينبغي إتاحة المجال لكل حالة بالطريقة المناسبة.
  • قد يضطر بعض الطلبة الذين بهم أمراضٌ مزمنة تتطلب التردد إلى المستشفى إلى الغياب عن البث المباشر؛ فينبغي سؤال الطالب عن الطريقة المناسبة لضمان حفاظه على المادة الدراسية، و قد تكون الدروس أو المحاضرات المسجلة خيارًا مثاليا لحل هذه المشكلة.

المحتوى الدراسي

  • تحديد الجزء المقرر على الطالب دراسته من المنهج الدراسي بالصفحات، بما يناسب قدرة الطالب.
  • إن كان المعلم أو المحاضر يملك ملفات بصيغة Microsot Word أو بصيغة PowerPoint فيمكنه إرسالها إلى الطالب الكفيف أو ضعيف البصر مباشرة، شريطةَ ألا يكون بها جداولُ أو صورٌ غير مشروحة بالنص أو إزالتها إن كانت غير مهمة.
  • عند عرض أي فلم على الطلبة المكفوفين أو ضعاف البصر يجب أن تكون مشروحةً صوتيًّا وينبغي إرفاق ملف نص الفلم ليستطيع ذو الإعاقة السمعية معرفة المحتوى، وأما إن كان الفلم شرحًا للمعلم أو المحاضر لعرض تقديمي، فيفضل إرسال نسخة من ملف العرض التقديمي إلى الطالب.

الواجبات والتكاليف

  • ينبغي إفادة الطالب بجميع التكاليف المطلوبة منه سلفًا وبوقت كافٍ تحسبًا لإشكالات أو مصاعبَ غير متوقعة، كانقطاع شبكة الانترنت أو تعطل جهاز الطالب.
  • عدم تكليف الطالب بإجراء بحث أو تقارير لا تتوافر لها مصادرُ رقمية مفتوحة المصدر، أو يمكن الوصول إليها بخدمات المكتبات العامة.
  • يراعى الطالب في عدد المصادر والمراجع المستخدمة في التقارير أو البحوث؛ لاحتمال غياب غيره يستطيع مساعدته على الوصول إلى محتوى هذه المصادر.

التقويم والاختبارات

  • للمحاضر استخدام أساليبَ تقويم مختلفة توافق حالة الطالب، كالاختبارات القصيرة، التي يمكن إجراءها بالمنصة الرقمية للاختبارات أو بالمقابلة بالاتصال المباشر بالطالب.
  • يجب ترك استخدام أي أسئلة يُطلب فيها من الطلبة المكفوفين أو ضعاف البصر شرح صور أو تعبئة جدول أو تصحيح الكلمات وضبطها نحويًّا أو إملائيًّا.
  • للمحاضر أن يطلب من طلبة الإعاقة السمعية تقديم أعمال وأنشطة إضافية ذات طابع بصري، كتصميم محتوًى محدد أو تشكيل أعمال فنية وما إلى ذلك.

الأمان والخصوصية

  • تجب مراعاة حدوث انقطاع في الانترنت أو عطل فني في منصات التواصل الإلكترونية؛ لهذا ينبغي وجود بدائل لحل هذه المشكلات توافق إمكانية الوصول  عند الطلبة ذوي الإعاقة.
  • أحيانًا تتعرض خصوصية الطالب للخطر من سوء الاستخدام أو الأخطاء غير المقصودة في أثناء استخدام منصات التواصل، كأن يقوم الطالب الكفيف بالضغط على تشغيل الكاميرا أو الميكرفون دون قصد؛ لهذا ينبغي تنبه الطالب فورًا بذلك.
  • إذا طُلب من الطالب الكفيف فتح الكاميرا فلا بد من مراعاة عجزه عن تمييز اتجاه الكاميرا والشكل الذي يظهر فيه والمناظر غير المرغوب فيها التي قد تظهر في الخلفية.
طالب كفيف مرتبك لعدم إدراكه هل غرفته مرتبة أم لا بعد أن طلب المعلم منه أن يفتح الكاميرا
طالب كفيف مرتبك لعدم إدراكه هل غرفته مرتبة أم لا بعد أن طلب المعلم منه أن يفتح الكاميرا

في الختام، يظهر التعلم عن بُعد كوسيلة حديثة وفعّالة في مجال التعليم حيث يمكننا الاستفادة من التقدم التكنولوجي لتحقيق تفاعل ووصول أفضل. رغم التحديات والتكاليف التي تواجهه يُعَدّ التعلم عن بُعد فرصة للطلاب لتحقيق التعلم في ظروف مرنة، و اختبار تجارب تعلم فريدة وشيقة تسهم في تطوير مهاراتهم وتحفيز الفضول لديهم.

لذلك علينا استثمار الجهود في توفير الدعم التكنولوجي وتأهيل المعلمين من أجل تعزيز قدرة المؤسسات التعليمية على تقديم تجارب تعلم فعالة؛ إذ تعكس هذه التجربة جاهزيتنا لتحقيق تعليم شامل وتوفير فرص تعلم متساوية. 

Picture of Amira Shokry

Amira Shokry

2 Responses

  1. لقد أثبتت الظروف الصعبة التي مر بها العالم في فترة جائحة كوفيد 19 بأننا بحاجة إلى نظم تعليمية بديلة تساعد على إتاحة التعليم للجميع وضمان قدرة جميع الطلبة في الوصول إلى موادهم الدراسية بسهولة دون الحاجة إلى المساعدة من الآخرين

  2. وهذا ينطبق على جميع الطلاب بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة الذين عانوا الكثير من الظروف الصعبة للجائحة ، وبالتأكيد فإن نظام التعلم عن بعد خفف حدة هذه المشكلة للبعض وإن كانت لها أضرار على بعض الحلات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شارك المقال

إقرأ أيضا