التعليم حق للجميع: الدمج في التعليم وأهميته

التعليم حق للجميع

إن التعليم ليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة والمهارات بل يعتبر ركيزة أساسية لبناء مستقبل مزدهر وتحقيق التنمية الشاملة للأفراد والمجتمعات. حيث يمنح التعليم الفرصة لكل فرد لتطوير قدراته واكتساب المهارات والمعرفة الضرورية لتحقيق تطلعاتهم والمساهمة في نجاح المجتمع بأكمله. لذلك فإن مبدأ  “التعليم حق للجميع”  يعزز العدالة الاجتماعية كما يعد استثمارا أساسيًا في بناء مجتمع أكثر تقدماً وتنوعًا. في هذا المقال، سنستعرض أهمية هذا المبدأ وسبل تحقيقه.

قائمة المحتويات

التعليم حق للجميع

تذكر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف UNICEF) أن في العالم ما يقدر بنحو 240 مليون طفل ذي احتياجات خاصة. وإن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة كغيرهم من الأطفال لهم مطامحُ وأحلامٌ لمستقبلهم؛ ولهذا يحتاجون إلى تعليم جيد لتطوير مهاراتهم وإدراك إمكاناتهم الكاملة.

تشير دراسة لحقوق الإنسان من الأمم المتحدة إلى اعتماد نهج عنصري في النظم التعليمية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يحرمهم من حقوق التعليم، حيث يتم استبعاد بعض التلاميذ بسبب الإعاقة، بينما يُرسل آخرون إلى مدارس خاصة لمعالجة إعاقة معينة وعادة ما يكون ذلك في إطار نظام تعليمي مخصوص، وفصلهم عن غيرهم من التلاميذ. وأخيرًا، يتم دمج بعض التلاميذ في مدارس عادية ما داموا قادرين على التكيف والمعايير المعمول بها في هذه المدارس.(الأمم المتحدة ، 2023).

ولهذا غالبًا ما يٌحرم الأطفال ذوو الإعاقة من حقهم في التعلم وفرصة المشاركة في مجتمعاتهم والقوى العاملة والقرارات التي تؤثر فيهم تأثيرًا أكبر.

لهذا ينبغي :

  • التركيز على توفير فرص التعليم المناسبة للأطفال ذوي الإعاقة: لأن التعليم هو المفتاح للحصول على فرص أفضل في الحياة. ومع ذلك، فإن توفير التعليم المناسب للأطفال ذوي الإعاقة يتطلب جهودًا إضافية من المجتمع والحكومات.
  • أن يكون التعليم متاحًا للأطفال ذوي الإعاقة في جميع المستويات،من التعليم المبكر وحتى التعليم العالي: يجب أن يتم توفير الدعم اللازم للطلاب ذوي الإعاقة ، بما في ذلك الدعم الفني والتقني والتعليمي.
  • أن يتم توفير بيئات تعليمية شاملة ومتاحة للأطفال ذوي الإعاقة بما في ذلك البنية التحتية المناسبة والوصول إلى التقنيات المساعدة: يجب أن يتم تعليم المجتمعات حول قضايا الإعاقة وتوفير الدعم والتمكين للأطفال ذوي الإعاقة.

لماذا يجب توفير فرص التعليم للجميع ؟

وللإجابة عن هذا السؤال يجدر بنا الإشارة إلى ما يلي:

  • إن توفير التعليم المناسب للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هو استثمار في المستقبل؛ لأنه قد يؤدي إلى تحسين فرصهم في العيش والمساهمة في المجتمع. فيجب علينا جميعًا العمل معًا لتوفير فرص التعليم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وضمان حقوقهم في التعليم والمشاركة في المجتمع.
  • علينا أن نجتهد في إزالة العوائق التي تحول دون تيسير التعليم للأطفال ذوي الإعاقة، مثل العوائق المادية والثقافية والتعليمية.
  • تشجيع التعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية، لتوفير فرص التعليم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. 
  • التيقن من أن التعليم المقدم يلبي حاجات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ويوافق أخلاقهم وثقافتهم.
  • يجب توفير التعليم الشامل والمتكامل لجميع الأطفال، بغض النظر عن قدراتهم وإعاقاتهم.
  • يجب توفير التعليم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بنفس الجودة والمستوى اللذين يتمتع بهما الأطفال من غير ذوي الاحتياجات الخاصة. لذلك علينا أن نعمل معًا مجتمعًا عالميًّا لتحقيق مبدأ “التعليم حق للجميع ” وضمان توفير فرص التعليم للجميع.

ما هو الدمج في التعليم ؟

إن مفهوم الدمج في التعليم من المفاهيم الحديثة والمهمة في العصر الحالي، فهو يسعى إلى تحقيق التعليم الشامل والمتكامل لجميع الطلبة دون استثناء.

ويعني الدمج في التعليم إدخال الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في نظام التعليم العام مع الطلبة العاديين؛ إذ يوفر لهم الدعم والخدمات اللازمة لتمكينهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم التعليمية.

والدراسة التي ذكرناها سابقًا توضح أن دمج التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة يقتضي القضاء على الحواجز التي تمنع أو تحول دون مشاركتهم في نظام التعليم العام. وتغيير الثقافات والسياسات والممارسات المتبعة في المدارس العادية لاستيعاب حاجات جميع التلاميذ، ومنهم ذوو الإعاقة. ويهيِّئ التعليم الشامل منبرًا لمكافحة الوصم والعنصرية. ويستطيع ذوو الإعاقة الذين يعانون عادةً ارتفاعًا غيرَ متناسب في معدلات البطالة، المشاركةَ الكاملة في المجتمع.

وتدلّ الدراسة على أن النظم التعليمية ينبغي أن تحظر رفض القبول في المدارس العادية بذريعة الإعاقة، وأن تشجع على انتقال التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة من المدارس المخصوصة إلى المدارس العادية. وأن تضمن عدم العنصرية وذلك بمراعاة الحاجات على نحو معقول. ويعني هذا أنه سيتعين على المدارس أن تجري مواءمات ملائمة بحسب الاقتضاء لضمان أن يتمكن التلميذ المعوّق من الالتحاق بالتعليم والمشاركة فيه على قدم المساواة مع التلاميذ الآخرين. 

طرق تحقيق الدمج في التعليم

يمكننا القول إن الدمج في التعليم تحدٍّ حقيقي للأنظمة التعليمية في العالم، ولكنه أيضًا فرصة لتحقيق التعليم الشامل والعدالة التعليمية.

وهنا نستعرض بعض الطرق لتحقيقها:

  • ينبغي تكييف المناهج الدراسية والمناهج التربوية وأساليب الاختبار في المدارس كي يتسنى للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة الالتحاق بتعليم شامل جيد ومجاني في المرحلتين الابتدائية والثانوية على قدم المساواة مع الآخرين.
  • يجب أن تتوافر بنية تحتية جيدة ومنظومة تعليمية تستجيب لحاجات الجميع، ومن ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة.
  • يجب توفير موارد كافية لتطوير برامج تعليمية تستجيب لحاجات الطلبة المختلفة، إضافةً إلى توفير تدريبات للمعلمين على كيفية معاملة طلابهم معاملةً مؤثرة.
  • دعم المدارس والمعلمون الدعم اللازم، بتوفير التدريب والإرشاد والموارد اللازمة لمعاملة الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بجدارة وفعالية.
  • العمل الجماعي والتعاون بين جميع الأطراف المعنية، ويشمل ذلك المدارس والأسر والمجتمع المحلي والجهات الحكومية وغير الحكومية.

أهمية الدمج في التعليم

تتمثل أهمية الدمج في التعليم في تحقيق المساواة والعدالة التعليمية؛ فيتمكن جميع الطلبة من الحصول على فرصة التعليم دون تمييز أو اعتبارات خاصة بأحوالهم، و تحسين نوع التعليم وزيادة التحصيل الدراسي للطلاب، إذ يوفر بيئة تعليمية متكاملة تتميز بالتنوع وتعدد الخبرات والمهارات.

إن الدمج في التعليم أمرًا حاسمًا لتحقيق التعليم الشامل، إذ يسمح للجميع بالوصول إلى التعليم الذي يحتاجون إليه والذي يساعد على تطوير مهاراتهم واكتشاف مواهبهم واهتماماتهم. فضلًا عن ذلك فإن الدمج يعزز التفاهم والتعايش بين الطلبة من ثقافات مختلفة، مما يعزز التعاون والتفاعل الحسن بينهم.

أهمية التربية على الأخلاق والمبادئ في تعزيز الدمج في التعليم

إن التربية على الأخلاق والمبادئ من العوامل الرئيسة التي تعزز الدمج في التعليم. فهي تساعد على بناء طبع المرء وخُلقه وتحثّه على التعايش بسلام مع الأشخاص، سواء اشتبهوا به أو اختلفوا عنه في الجنسية، أو الدين، أو العرق، أو الثقافة.
تمكن هذه التربية الأشخاص من التفكير الناقد واتخاذ القرارات الصائبة، وتعزز الاحترام المتبادل بين الأشخاص، وتساعد على بناء الثقة والتعاون. إذا تم تعليم الأخلاق والمبادئ في المدرسة، بالتأكيد سيكون لهذا أثر محمود في الطلبة والمعلمين على حد سواء؛ إذ قد يؤدي إلى تعزيز العلاقات الاجتماعية الطيبة، وتعزيز العدالة والمساواة بين الأفراد.

وعلاوة على ذلك، قد يساعد على مكافحة العنصرية والعنف والتنمر بين الطلبة؛ حيث يتعلم الطلبة كيف يعاملون الأشخاص معاملةً حسنة.

فإن لم يتم تدريس الأخلاق والمبادئ في المدارس، سنفقد الفرصة لتعليم الطلبة كيفية العمل بهذه المعاني الكريمة في حياتهم اليومية. وعلى المدى الطويل قد تؤدي المساعي الرامية لتعزيز التربية على الأخلاق والمبادئ إلى تحسين النمو الذاتي والمهني والاجتماعي للطلاب. وهذا يساعد على تحقيق الدمج في التعليم.

التعليم الخاصلأطفال ذوي احتياجات

ما هو التعليم الخاص ؟

التعليم الخاص نوع من أنواع التعليم الذي يستهدف ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يجدون مصاعبَ في التعلم أو الإدراك أو الحركة أو الاتصال. وهدفه تهيئة بيئة تعليمية ملائمة لهذه الفئة الخاصة ودعمهم الدعم اللازم لتطوير مهاراتهم وقدراتهم وللإسهام في المجتمع إسهامًا ناجحًا.

من أبرز الفوائد الرئيسة للتعليم الخاص هو دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع كما يعزز قدراتهم على التواصل والتفاعل مع الأشخاص.

 كما يسهم التعليم الخاص في تحسين معيشتهم وتوفير فرص العمل المناسبة لهم، وذلك بتوفير التدريب المناسب وتطوير المهارات اللازمة للعمل في مجالات مختلفة.

أهداف التعليم الخاص

  • تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير الدعم اللازم لهم ليدركوا إمكاناتهم الكاملة وتطوير مهاراتهم وقدراتهم.
  • تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالانتماء للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث يشعرون بأنهم ينتمون إلى مجموعة مماثلة لهم ويُعامَلون معاملةً متساوية وعادلة.
  • يساعد على تطوير مهارات ذوي الاحتياجات الخاصة وزيادة اندماجهم في المجتمع؛ فهو يقدم لهم بيئة تعليمية مخصصة ومرنة، تناسب حاجاتهم الفردية وتمكنهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة.
  • يساعد على تقليل الفجوة بينهم وبين باقي أفراد المجتمع، حيث يُسهم التعليم الخاص في تحسين فرص الحصول على عمل أو مهن ووظائف لهؤلاء الأفراد وزيادة دخلهم وتحسين معيشتهم واقتصادهم.
 
ولهذا يجوز القول إن التعليم الخاص له أثر مهم في تعزيز مبدأ ” التعليم حق للجميع ” ومن ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة. وعلينا نحن المجتمع توفير فرص التعليم الخاص لكل من يحتاج إليه، والعمل على تحسين جودة التعليم الخاص وزيادة توافره في جميع أنحاء العالم.

سلبيات التعليم الخاص

بعد ما ذكرناه من أبرز الأهداف التي يسعى التعليم الخاص لتحقيقها، لكن التوجه العالمي يسعى لتجاوز هذا النوع من التعليم؛ لما له من آثار سيئة بعيدة المدى. حيث تعمل على ترسيخ ما يلي:

  • على الرغم من إتاحة فرصة التعلم لجميع ذوي الاحتياجات الخاصة؛ إلا أنه يضعهم في بيئة منعزلة عن الواقع الذي تجد فيه أناسًا مختلفين بعضهم عن بعض.
  • قد يكون التعليم الخاص سببًا في ضعف بعض المهارات والخبرات الحياتية التي تنقص الكثير من الطلبة الذين يتخرجون في هذا النوع من المؤسسات التعليمية؛ إذ إن معظم خبراتهم تكون متشابهة إلى حد كبير لوجودهم في بيئة معزولة ثقافيًّا.
  • قد يحرم التعليم الخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من حق الوصول إلى المعرفة الكاملة التي يحصل عليها أقرانهم في المؤسسات التعليمية العامة؛ إذ يتم تقليص المناهج في بعض الأحيان لمواءمة قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا ينافى حق الوصول إلى المعرفة الشاملة.

ولهذا يأتي مفهوم التعليم الشامل وهو شكل من أشكال التعليم التي تلغي الحدود أو الحواجز الثقافية والاجتماعية بين الأفراد بغض النظر عن حالتهم الصحية أو قدراتهم. ولذلك فالتعليم الشامل نظام يسعى لقبول الأفراد مهما اختلفت أحوالهم؛ ليحقق مبدأ “التعليم حق للجميع “.

وفي الختام  يظهر بوضوح أن التعليم يجب أن يكون أساسيًا للجميع لبناء مجتمع يعتمد على التنوع والشمولية. و يعد الدمج مفهوم حيوي في تحقيق الوصول الشامل إلى التعليم . حيث يتاح للجميع الفرصة للمشاركة في التعليم دون تمييز. من خلال تحقيق الدمج في التعليم، نسهم بفعالية في بناء مستقبل يقوم على المساواة والفهم المتبادل، مما يؤدي إلى تعزيز التنمية المستدامة والتقدم الاجتماعي.

Picture of Amira Shokry

Amira Shokry

5 Responses

  1. مقال مفيد جدا ومنظم في عرض المعلومات أتمنى من أصحاب العلاقة والمسؤولين عن التعليم تطبيق الأفكار الواردة فيه

    1. ‏شكرا جزيلا دكتور علي الريامي على تعليقك الجميل
      ‏ونرجو حقيقة أن يتم تبني هذا التوجه في مختلف المؤسسات التعليمية بالسلطنة

  2. بارك الله فيك أ. معاذ
    تطرقت لنقاط مهمة تتوافق مع الجهود التي خلصت في مختبر خدمات وبرامج الأشخاص ذوي الإعاقة

    1. شكرا جزيلا لك الأستاذ علي ، نعم أتفق معك، والتوصيات التي خرج بها المختبر كانت مهمة جدا، ونرجو أن تتحقق على أرض الواقع، وهي بالتأكيد تتطلب منا التعاون المشترك لتحقيق هذه المقترحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شارك المقال

إقرأ أيضا